الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاشرة الزوجة بالمعروف أمر رباني

السؤال

من حوالي 3 سنوات تلقيت دعواتكم ليرزقني الله الزوج الصالح, وبعدها دعواتكم لتمام الزواج والذهاب إلى جانب زوجي إلى فرنسا, وآنا الآن إلى جانبه ومعي طفلة عمرها سنة والحمد لله.
المشكل شيخنا الفاضل أنه منذ قدومي إلى فرنسا من حوالي 8 أشهر وأنا في مشاكل معه، يشتمني ويسبني ليل ونهار ويعيرني بعدم جلب أي شيء معي من المال ويحاول طردي بكل وسيلة همه الوحيد منذ قدومي أن أعود إلى بلدي.مشكلته الكبرى أنه لم يطق المسؤولية، أنا واثقة بهذا والله أعلم به لكنه يتحجج بالكلام عني بسوء لكل العائلة ويقول لا أطيقها لا أحبها لا تعجبني من جهة، ومن جهة أخرى يريدني في بلدي كما كنا. لأنه مكثت عاما بين بيت أهلي وبيت أهله وهو لم ينزل إلا مرتين. أنا لم أعد أطيقه من كثرة جرحه لي بالكلام وكثرة عنفه وشره, صارحني مؤخرا أنه يشرب الخمر.هو لا يريد الطلاق لأن ظروفه لا تسمح. الرجوع إلى بلدي صعب علي. الطلاق الله أعلم لا أريده من أجل بنتي ولكي لا أعيش حاقدة عليه طوال حياتي لأنه خدعني فهدف الزواج أن أعيش جنبه و ليس كل واحد في بلد..
لا أخفي عنكم أني هنا تهاونت في لبسي لحجابي لكن أستغفر الله كثيرا على ذلك.
شيخنا الفاضل ما نصيحتكم لي؟؟؟
أرجو منكم الدعاء لي بالصبر والفرج العاجل والدعاء له بالهداية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما يفعله زوجك من سبك وشتمك ومعايرتك بقلة المال كل هذا حرام لا يجوز، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. متفق عليه.

وقد عد بعض العلماء إيذاء الزوجة من كبائر الذنوب.

جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الحادية والخمسون: الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا.{النساء:36}. انتهى.

وقد سبق أن بينا أنه لا يجوز للرجل أن يبتعد عن زوجته فترة تتضرر بها الزوجة عادة مع قدرته على اصطاحبها معه. ويراجع تفصيل ذلك في الفتويين: 131819، 108162.

وعلى كل حال فإنا نوصيك أول ما نوصيك في هذا المقام بالتوبة إلى الله جل وعلا والإنابة إليه، فإن ما يصيب المرء من هموم وغموم ومصائب غالبا ما يكون بسبب ذنوبه وتقصيره في حق ربه وتصديق ذلك قوله تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ. {الشورى:30}.

واعلمي أن خلع الحجاب والتبرج معصية قبيحة وهي من كبائر الذنوب التي توجب سخط الله وغضبه كما بيناه في الفتوى رقم: 115873.

فالواجب عليك أن تبادري إلى لبس الحجاب الشرعي كما أمر الله جلا وعلا النساء المؤمنات.

وكذلك فإن من الواجب عليك أن تنصحي لزوجك فيما يقع فيه من مخالفة أمر الله جل وعلا وتعاطي الخمر، فإن شرب الخمر من كبائر الذنوب كما بيناه في الفتوى رقم: 126933.

وذكريه أيضا بحقوقك عليه وأن الله سبحانه أوجب على الزوج معاشرة زوجته بالمعروف فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. {النساء:19}.

قال الجصاص: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر والنفقة والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ والإعراض عنها، والميل إلى غيرها وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). انتهى.

فإن استجاب لك فاحمدي الله جلا وعلا على نعمة الهداية، وإن لم يستجب لك فأنت بالخيار بين أن تصبري عليه مع إدامة نصحه ووعظه وبين أن تطلبي منه الطلاق، ولكن إن أصر على معاقرة الخمر ولم تجد معه النصيحة فالأفضل تركه وطلب الطلاق منه.

وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 2007.

نسأل الله سبحانه أن يوفقكما للتوبة والإنابة وأن يصلح لكما الحال والبال ويصلح ذات بينكما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني