الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن أبوين وبنت وجدة لأم وشقيقتين وثلاثة أشقاء

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية :
۞-للميت ورثة من الرجال : (أب) (أخ شقيق) العدد 3
۞-للميت ورثة من النساء : (أم ) (بنت) العدد 1 (جدة ( أم الأم )) (أخت شقيقة) العدد 2
۞- معلومات عن ديون على الميت : (لم يحج مع استطاعته مادياً ولم يحج عنه أحد) (ديون)
۞- إضافات أخرى : الدين لأحد من إخوته

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجب سداد دين الميت قبل قسمة التركة، وكذا يجب أن يخرج من التركة ما يحج به عنه؛ لأن هذه ديون على الميت وهي مقدمة على حق الورثة لقول الله تعالى في تقسيم التركة: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ. {النساء:11}.

وإن ضاقت التركة عن الجمع بين سداد دين الآدمي وبين إخراج ما يحج به عنه فقد تعددت أقوال الفقهاء في أيهما يقدم حق الله تعالى أم حق العباد إذا ضاقت التركة عنهما.

جاء في الموسوعة الفقهية: قد اختلف الفقهاء في أيّ الدّينين يؤدّى أوّلاً إذا ضاقت التّركة عنهما, فذهب الحنفيّة إلى أنّ ديون اللّه تعالى تسقط بالموت إلاّ إذا أوصى بها كما سيأتي, وذهب المالكيّة إلى أنّ حقّ العبد يقدّم على حقّ اللّه تعالى، لأنّ حقوق اللّه تعالى مبنيّة على المسامحة وحقوق العباد مبنيّة على المشاحّة، أو لاستغناء اللّه وحاجة النّاس, وذهب الشّافعيّة إلى تقديم حقوق اللّه تعالى أو ديونه على حقوق الآدميّ إذا ضاقت التّركة عنهما، واستدلّوا بقوله صلى الله عليه وسلم : دين اللّه أحقّ أن يقضى. وقوله : « اقضوا اللّه ، فاللّه أحقّ بالوفاء » . اهـ.

وقال ابن عثيمين في شرح الزاد : ... ومنهم من قال: يشتركان؛ لأن كلًّا منهما دين في ذمة الميت فلا يفضل أحدهما على الآخر، وهذا هو المذهب عند الأصحاب ـ رحمهم الله ـ وهو الصحيح. اهـ.

وتجدر الإشارة إلى أن ما نسب للمالكية في الموسوعة الفقهية لا يشمل الحج، فالحج لا يفعل عندهم عن الميت ما لم يوص به، ولو لم تكن عليه ديون.

وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر فإن للبنت النصف فرضا, وللأم السدس فرضا وللأب السدس فرضا لقول الله تعالى: ... وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ... {النساء: 11}.

والباقي يأخذه الأب تعصيبا لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ . متفق عليه.

ولا شيء للجدة لأنها محجوبة بالأم حجب حرمان, ولا شيء للإخوة الأشقاء والأخوات الشقيقات لكونهم جميعا محجوبين بالأب حجب حرمان, فتقسم التركة على ستة أسهم, للبنت نصفها, ثلاثة أسهم , وللأم سدسها, سهم واحد , وللأب سدسها , سهم واحد , ويبقى سهم يأخذه الأب كما ذكرنا فيتحصل له سهمان.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني