الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من خاف على نفسه ضررا محققا فهو معذور بترك صلاة الجماعة

السؤال

إني أعيش في بلد به أئمة ليسوا بأئمة فأغلبهم لا يحسن قراءة الفاتحة،وبعضهم يسرع في القراءة و في الصلاة فنحن في بلاد ليس فيها علماء بفعل سياسة تجفيف المنابع التي تطبق منذ عقود من الزمن، وأئمة مساجدنا أغلبهم ليسوا أكفاء للإمامة فأغلبهم مثلا يسوق الأحاديث وإن كانت موضوعة ولا يحفظ من القرآن إلا القليل ولا يفقه من أحكام التجويد شيئا وتجد أغلبهم إن لم أقل كلّهم من حالقي اللحية .
إن السلطات تضايق بعض المصلّين أحيانا و خاصة من تجده معفيا لحيته و مقصرا لثوبه (و قد تعرّضت لهذا) فأصبحت لا أطمأنّ لخروجي للمسجد خاصّة في صلاة الفجر إلا في صلاة العيدين. فهل يمكنني التّخلّف عن صلاة الجماعة؟ أرجو إجابتي دون إحالتي على مواضيع أخرى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أولا أن الجماعة واجبة على الرجال البالغين على الراجح من أقوال أهل العلم، ولا تجب في المسجد عند جمهور الموجبين لها بل تجوز إقامتها في كل مكان لعموم حديث: وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.

وعليه فلو صليت الصلاة في جماعة ولو في بيتك مع بعض أهلك كنت آتيا بالواجب عليك عند أكثر العلماء الموجبين للجماعة وإن فاتتك فضيلة المسجد وشرف الصلاة فيه، وراجع الفتوى رقم: 128394.

وعلي فرض عدم تمكنك من الصلاة جماعة في غير المسجد، فإذا كان يغلب على ظنك حصول ضرر محقق لك في بدنك أو معيشتك فلك رخصة في ترك الجماعة.

قال الحجاوي في سياق الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة: " أو خائف على حريمه أو نفسه من ضرر أو سلطان ظالم أو سبع أو لص. انتهى.

ولكن إذا كان هذا الخوف مجرد وهم لم تكن لك رخصة إذن. هذا من حيث الجملة، ولكننا نحب أن ننصحك بعدم التساهل في أمر الجماعة والتهاون في حضورها في المساجد بهذه الذرائع التي ذكرتها، فإنك بذلك تفوت على نفسك الفضل وتحرم نفسك من الأجر وقد تعرض نفسك للإثم، واعلم أن الجماعة تصح خلف كل مسلم يحسن الصلاة ولا يخل بشيء من شروطها وأركانها وواجباتها ولو كان فاسقا، وانظر الفتوى رقم 115770 فمن كان من هؤلاء الأئمة يأتي ببعض الذنوب أو يرتكب شيئا من المخالفات فينبغي أن تناصحه بلين ورفق، ومن كان مقصرا في التعلم أو يحتج بما لا يجوز الاحتجاج به فاجتهد أن تجتهد في تعريفه ما يجب عليه وتبصيره بما يأتي به من الخطأ، واجتهد في الدعوة إلى الله قدر استطاعتك بما لا يحصل لك به ضرر، فتكون بذلك عضوا إيجابيا فعالا في مجتمعك والدال على الخير كفاعله، واعلم أن من كان من الأئمة يخطئ في القراءة أو يلحن فيها فإن كان يلحن في الفاتحة لحنا جليا يحيل المعنى كأن يبدل حرفا بحرف فيها فالصلاة خلفه لا تصح، وإن سهل بعض العلماء في الحروف متقاربة المخارج كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 113626.

وأما اللحن الذي لا يحيل المعنى في الفاتحة وكذا اللحن في غيرها ولو أحال المعنى إذا لم يتعمده فإنه لا يوجب بطلان الصلاة. ومن ثم تصح الصلاة خلف من يأتي به، واجتهد بالمناصحة والبيان ما أمكن ممتثلا آداب الشرع بأن يكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة وبما أمكن من اللين والرفق، وفق الله الجميع لما فيه رضاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني