الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التدخين معصية تجب التوبة منها

السؤال

أقسمت وأغلظت في اليمين أن أترك التدخين بلا رجعة بعد فشل كل محاولاتي لتركه، إلا أني بعد شهر دفعت كفارة بعد أن استفتى زوجي أحد الشيوخ وعدت للتدخين، وأشعر الآن بصراع في داخلي. فماذا أفعل وهل ينطبق على المدخن قوله تعالى: (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأؤلئك أصحاب النار هم فيها خالدون)؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق لنا بيان حرمة التدخين، وأن الإصرار عليه والتهاون بشأنه يصيره من كبائر الذنوب كشأن بقية الصغائر وأنه لا يحبط أعمال المدخن الصالحة، فراجعي الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 32820، 1819، 1671، 25998.

كما سبق لنا الجواب عما يتعلق بكفارة اليمين المتعلق بترك التدخين، وبيان ما يعين على التخلص من هذه العادة الخبيثة، وذلك في الفتويين: 28953، 129949.

وأما عن انطباق الآية الكريمة المذكورة في السؤال على مدمن التدخين فليس بصحيح، فليس المراد بها من مات على ذنب -ولو كان كبيرة- دون أن يتوب، ولكن المراد أحد شخصين، إما المشرك وإما من أتى يوم القيامة وليس له أية حسنة.

قال الطبري: السيئة التي ذكر الله في هذا المكان فإنها الشرك بالله. انتهى.

وقال ابن كثير: هو من وافى يوم القيامة وليس له حسنة، بل جميع عمله سيئات، فهذا من أهل النار. انتهى. وقال السعدي: المراد به هنا الشرك، بدليل قوله (وأحاطت به خطيئته) أي: أحاطت بعاملها، فلم تدع له منفذاً، وهذا لا يكون إلا الشرك، فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته. انتهى.

وأما إذا حملنا الآية على قول من قال: غلبت سيئاته حسناته فأحبطتها، فالنار المذكورة لمن كان من أهل التوحيد ليست بمحل للخلود، وقد سبق لنا بيان أن مرتكب الكبيرة الذي لم يتب منها أنه في مشيئة الله فإن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، ومآله الجنة على أية حال، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 5087..

ولسنا نريد بذلك أن نهون من أمر التدخين، ولكن نريد بيان الحق فمثله مثل بقية المعاصي التي يؤمر المسلم بالتوبة منها، ويكفي أن التدخين من الخبائث التي حرمها الله ومن المضار المهلكة التي نهى الله عنها، ونسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يلهمك رشدك وأن يقيك شر نفسك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني