الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتفق مغ إخوته ألا يدخر مالا دون علمهم فهل يلزمه الوفاء

السؤال

أنا أعمل خارج البلد، وأنا الوحيد في اخوتي في خارج الدولة، وأصغر الأسرة، وأقوم بمساعدة جميع إخوتي الأكبر مني، وأنا لم أتزوج بعد، ولكن خاطب الحمد لله، وهناك اتفاق بيننا على أن لا أحد يدخر جزءا من المال دون علم الآخرين. فما الحكم لو أني قد ادخرت جزءا من المال لي بدون علم أحدهم؟ هل ذلك حرام أم حلال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمساعدتك لإخوتك هي من مكارم الأخلاق، وستكون مأجورا عليها إن شاء الله، ولكنها لا تجب، كما أن ادخارك للمال دون علم من إخوتك ليس فيه من حرج، وما حصل بينك وبينهم من الاتفاق على أن لا يدخر أي منكم جزءا من ماله دون علم الآخرين، لا يلزمك العمل به، وغاية ما فيه أنه من قبيل الوعد، والجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة يرون الوفاء به مستحباً، قال السرخسي من الحنفية في المبسوط: والإنسان مندوب إلى الوفاء بالوعد، من غير أن يكون ذلك مستحقاً عليه. انتهى.

وقال البهوتي من الحنابلة في كشَّاف القناع: لا يلزم الوفاء بالوعد. نص عليه - يعني الإمام أحمد - وقاله أكثر العلماء. انتهى.

وقال النووي من الشافعية في الأذكار: قد أجمع العلماء على أن من وعد إنساناً شيئاً ليس بمنهي عنه، فينبغي أن يفي بوعده، وهل ذلك واجب أم مستحب؟ فيه خلاف بينهم، ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أنه مستحب، فلو تركه فاته الفضل، وارتكب المكروه كراهة شديدة، ولكن لا يأثم. انتهى.

وذهب المالكية إلى أنه ملزم إذا كان بسبب أو دخل الموعود بالوعد في شيء، قال القرافي في الفروق (الفرق 214) مانصه: وجه الجمع بين الأدلة المتقدمة التي يقتضي بعضها الوفاء به، وبعضها عدم الوفاء به، أنه إن أدخله في سبب يلزم بوعده لزم، كما قال مالك وابن القاسم وسحنون أو وعده مقروناً بذكر سبب. انتهى.

وقال في موضع آخر: أما مجرد الوعد فلا يلزم الوفاء به، بل الوفاء به من مكارم الأخلاق. انتهى.

وراجع لمزيد الفائدة في هذا فتوانا رقم: 49357.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني