الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب عليه الزكاة إذا لم يحصد الزرع حتى تلف

السؤال

إذا لم يحصد المالك زرعه إهمالاً أو اغتناءً فهل عليه زكاة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزكاة تجب في الزروع باشتداد الحب، ويستقر الوجوب بالحصاد وإيواء الحب إلى الجرين، فإذا تلف الزرع بعد وجوب الزكاة وقبل استقرار الوجوب بغير تفريط ممن وجبت عليه الزكاة لم يجب عليه شيء.

وأما إذا فرط في الجذاذ حتى تلف الزرع فإن الزكاة واجبة عليه، وهي دين في ذمته يجب عليه إخراجها، قال العلامة العثيمين رحمه الله في أثناء شرحه لقول الحجاوي: وَلاَ يَسْتَقِرُّ الوُجُوبُ إِلاَّ بِجَعْلِهَا فِي البَيْدَرِ، فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ سَقَطَتْ.

فإن تلفت بعد بدو الصلاح، واشتداد الحب، وقبل جعلها في البيدر، فإنها تسقط ما لم يكن ذلك بتعدٍ منه أو تفريط، فإنها لا تسقط.

وإذا جعلها في البيدر فإنها تجب عليه، ولو تلفت بغير تعد ولا تفريط؛ لأنه استقر الوجوب في ذمته فصارت ديناً عليه.

وعلى هذا فيكون لتلف الثمار والزرع ثلاث أحوال:

الحال الأولى: أن يتلفا قبل وجوب الزكاة، أي: قبل اشتداد الحب وقبل صلاح الثمر، فهذا لا شيء على المالك مطلقاً، سواء تلف بتعد أو تفريط، أو غير ذلك، والعلة عدم الوجوب.

الحال الثانية: أن يتلفا بعد وجوب الزكاة، وقبل جعله في البيدر، ففي ذلك تفصيل: إن كان بتعد منه أو تفريط ضمن الزكاة، وإن كان بلا تعد ولا تفريط لم يضمن.

الحال الثالثة: أن يتلفا بعد جعله في البيدر، أي: بعد جَذِّهِ ووضعه في البيدر، أو بعد حصاده ووضعه في البيدر، فعليه الزكاة مطلقاً؛ لأنها استقرت في ذمته فصارت ديناً عليه، والإنسان إذا وجب عليه دين، وتلف ماله فلا يسقط عنه. والتعدي: فعل ما لا يجوز. والتفريط: ترك ما يجب.

فمثلاً لو أن الرجل بعد أن بدا الصلاح في ثمر النخل، وقبل أن يجعله في البيدر، أهمله حتى جاءت السيول، فأمطرت وأفسدت الثمر فيقال: هذا مفرط، ولو أنه أشعل النار تحت الثمار فهذا متعدٍّ؛ لأنه فعل ما لا يجوز.

ولو أن الله أتى بعواصف أو قواصف بعد بدو الصلاح، وبعد اشتداد الحب من غير أن يفرط، ويهمل فأتلفت الثمر أو الزرع، فلا شيء عليه؛ لأنه لم يتعد، ولم يفرط.

ولو سرقت الثمار أو الزروع بعد أن بدا الصلاح، واشتد الحب فإن كان بإهمال منه أو تفريط ضمن، وإلا فلا.

والصحيح في الحال الثالثة أنها لا تجب الزكاة عليه ما لم يتعد أو يفرط.

وبهذا البيان الواضح تعلم أن مالك الزرع إن فرط في جذاذه لأي سبب من الأسباب إهمالا أو استغناء فإن زكاته واجبة عليه لا تسقط عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني