الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حول الاستنجاء والاستجمار

السؤال

أبارك لكم جهودكم الجبارة في خدمة الإسلام والمسلمين. إخوتي اعذروني فسؤالي هو كالتالي :يقول العلماء إن الاستنجاء يجب أن يكون بثلاث مسحات، وأن من لم يقم بذلك فلم يرفع الحدث والنجاسة، لكن كيف سيستنجي الانسان بثلاث مسحات بالماء سواء أكان من بول أو براز؟ وهل يكون الاستنجاء من البول بالماء بصب الماء على الذكر أو رأس الذكر فقط أم يجب الضغط على رأس الذكر ولو ضغطا يسيرا حتى يخرج البول، مع العلم أنه إذا لم يفعل ذلك ربما سيبقى البول ويخرج عند أي حركة فهل يقوم بالغسل فقط دون الضغط؟وأخيراً: أنتم تقولون أنه إذا تعدى الخارج المخرج المعتاد وجب غسل ما تعدى. لكن ما الضابط في التعدي أي ما هو المكان الذي إذا تعدى فيه البول والبراز وجب الغسل؟ وأرجو أن يكون الكلام مفهموماً.
واستفسارٌ أخير: لو كان إنسان في رحلة والماء لا يكفي إلا للشرب أو للوضوء أو لا يوجد ماء أصلاً وتعدى الخارج الموضع المعتاد ماذا يفعل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالعدد إنما يشترط في الأحجار فقط، وأما إذا استنجى بالماء فإنه لا يشترط لذلك عدد معين، بل الواجب هو إنقاء المحل وأن يعود كما كان قبل خروج النجاسة، وروي عن أحمد اشتراط سبع غسلات، وعنه اشتراط ثلاث غسلات، والصحيح ما قدمناه من أن المعتبر هو حصول الإنقاء.

قال ابن قدامة في المغني: فأما عدد الغسلات فقد اختلف عن أحمد فيها فقال في رواية ابنه صالح: أقل ما يجزئه من الماء سبع مرات. وقال في رواية محمد بن الحكم: ولكن المقعدة يجزئ أن تمسح بثلاثة أحجار أو يغسله ثلاث مرات ولا يجزئ عندي إذا كان في الجسد أن يغسله ثلاث مرات. وذلك لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يغسل مقعدته ثلاثا. رواه ابن ماجه. وقال أبو داود : سئل أحمد عن حد الاستنجاء بالماء فقال : ينقي. وظاهر أنه لا عدد فيه إنما الواجب الانقاء وهذا أصح لأنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك عدد ولا أمر به. ولا بد من الانقاء على الروايات كلها وهو أن يذهب لزوجة النجاسة وآثارها. انتهى.

وأما عصر الذكر ونتره بعد التبول فقد استحبه كثير من العلماء، ومن علم من نفسه أنه إن لم يفعله خرجت منه قطرات البول فليفعله، ومن كان لا يحتاج إليه فلا يفعله وكل أبصر بطبعه.

قال في المغني: ويستحب أن يمكث بعد البول قليلا ويضع يده على أصل الذكر من تحت الانثيين ثم يسلته إلى رأسه فينتر ذكره ثلاثا برفق. قال أحمد : إذا توضأت فضع يدك في سفلتك ثم أسلت ما ثم حتى ينزل ولا تجعل ذلك من همك ولا تلتفت إلى ظنك. انتهى.

وفي حاشية الروض في الكلام على حكم نتر الذكر: وذكر جماعة من الأصحاب وغيرهم، ويتنحنح، زاد بعضهم، ويمشي خطوات قال الشيخ: وكل ذلك بدعة، وكذا تفقده الفيئة بعد الفيئة، ولأنه من الوسواس، ولو احتاج إليه لأنه وسواس.

وقال في موضع: لكن إن احتاج للنتر فعله كأن يكون إن لم يفعله أصابه سلس. اهـ.

وينبغي لمن استنجى بالماء أن ينضح فرجه وسراويله قطعا للوسواس. انتهى.

وأما مسألة تجاوز الخارج المحل المعتاد فقد فصلنا القول فيها وملنا إلى ترجيح مذهب الشافعية من إجزاء الحجر ما لم يجاوز الخارج الصفحة أو الحشفة، وبينا الضابط عند الحنابلة في ما يعد مجاوزا للموضع المعتاد فراجع لتفصيل ذلك الفتوى رقم: 136174.

وبما رجحناه في هذه الفتوى يتبين لك جواب الإشكال الأخير، فإنه إذا تجاوز الخارج المحل المعتاد فالراجح أنه يجزئه استعمال الحجارة في إزالته كما مر، وفي حال عدم إجزاء الحجارة فإنه يخفف النجاسة ما أمكنه ويصلي على حسب حاله وهو معذور إذا فعل ما يقدر عليه فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وقد بينا في الفتوى رقم: 111752، أن اجتناب النجاسة شرط مع العلم والقدرة فلتراجع.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني