الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل خوف الحصول على درجات منخفضة ضرورة تبيح الغش

السؤال

ما هي ضوابط العمل بقاعدة: الضرورات تبيح المحظورات؟ وهل إذا غششت في الاختبارات المدرسية خوفا من الحصول على درجات منخفضة بعد العمل بالأسباب ـ من مراجعة المادة جيدا ـ أدخل في القاعدة السابقة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأصل تلك القاعدة الشرعية قوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. { الأنعام: 145 }. وقوله: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. { البقرة: 173 }. وقوله: وقد فصل لكم ما حرم عليكم إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ. { الأنعام: 119 }.

وضابط الضرورة الذي يبيح للمرء ارتكاب المحظور وينتفي عنه الحرج فيه الضرورة: هو إذا ترتب على عدم فعل شيء محرم هلاك، أو إلحاق الضرر الشديد بأحد الضروريات الخمس وهي: الدين، والنفس، والعقل، والمال، والعرض، فإنه عند ذلك يجوز له أن يتناول المحرم للضرورة.

وقيل: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو - أي عضو من أعضاء النفس - أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى.

وبالتالي، فليست كل مشقة تدخل في باب الاضطرار، ثم إن الضرورة لا بد أن تقدر بقدرها.

فمن اضطر إلى الكذب مثلاً: فإن أمكنه التورية فلا يجوز له أن يكذب، والتورية أن يأتي بلفظ له معنى بعيد في نفسه، ومعنى قريب في نفس الوقت يقصده الشخص السامع أو يفهمه السامع، فعند ذلك لا يجوز أن يكذب ويستخدم التورية، وإذا اضطر إلى الكذب كأن يكون عنده مال إنسان معصوم مخبأ، فجاء ظالم يقول له: هل عندك المال؟ ولم يجد طريقة للتورية، فيجوز له، بل قد يجب أن يكذب في هذا الأمر فقط، بجملةٍ محددة لا ينتشر الكذب إلى غيرها، ومن أكره على النطق بكلمة الكفر، لا يجوز له أن يكفر بقلبه مثلاً، لأن الكفر على اللسان فقط إذا اضطر إلى ذلك، وهكذا.

وعلى كل، فلا تدخل الضرورة فيما ذكرت ولا يجوز لك أن تغش في الاختبار خوفا من تدني النتائج، والغش محرم شرعا، لقوله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.

وانظر الفتويين رقم: 2937، ورقم: 10150.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني