الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صفة صلاة الجنازة في المذاهب الأربعة وفضلها

السؤال

كيف تصلى صلاة الجنازة حسب المذاهب الأربعة ؟ وما هو فضلها الذي يعود للميت وهل تعتبر من مكفرات الذنوب بالنسبة للميت ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك في فضل صلاة الجنازة وأنها سبب من أسباب التخفيف عن الميت والشفاعة له بإذن الله، وبخاصة إذا كثر الجمع، وهاك بعض الأحاديث الدالة على ذلك، عن مالك بن هبيرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما من مؤمن يموت فيصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا ثلاثة صفوف إلا غفر له. فكان مالك بن هبيرة يتحرى إذا قل أهل الجنازة أن يجعلهم ثلاثة صفوف. رواه الخمسة إلا النسائي.

وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه. رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي وصححه.

وعن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه. رواه أحمد ومسلم وأبو داود.

وأما صفة صلاة الجنازة فإن المذاهب الأربعة متفقة على أنه يكبر للجنازة أربع تكبيرات، وأجاز بعضهم الزيادة على الأربع وهو قول الحنابلة، يرفع يديه مع كل تكبيرة عند الشافعية والحنابلة، ولا يرفع إلا في الأولى عند الأحناف والمالكية، ويقرأ الفاتحة وجوبا عند الشافعية والحنابلة، ولم يوجب الأحناف والمالكية القراءة، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثانية وجوبا عند الشافعية والحنابلة، ثم يدعو للميت وجوبا عند الشافعية والحنابلة وأوجب ذلك المالكية أيضا، ثم يكبر الرابعة ويسلم من غير دعاء عند الحنفية والحنابلة، ويدعو على المختار عند المالكية وكذا الشافعية، ثم يسلم تسليمة واحدة عند الحنابلة والمالكية، وعند الحنفية والشافعية أنه يسلم تسليمتين، ونحن ننقل لك من مختصرات المذاهب ما يتبين به كل مذهب منها.

جاء في الاختيار من كتب الحنفية: والصلاة أربع تكبيرات ويرفع يديه في الأولى لأنها تكبيرة الافتتاح، ولا يرفع بعدها ويحمد الله تعالى بعد الأولى. لأن سنة الدعاء البداية بحمد الله . وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يستفتح ( ويصلي على نبيه عليه الصلاة والسلام بعد الثانية ) لأن ذكره عليه الصلاة والسلام يلي ذكر ربه تعالى . ويدعو لنفسه وللميت وللمؤمنين بعد الثالثة ) لأن المقصود منها الدعاء ، وقد قدم ذكر الله وذكر رسوله فيأتي بالمقصود فهو أقرب للإجابة. ( ويسلم بعد الرابعة ) لأنه لم يبق عليه شيء فيسلم عن يمينه وعن شماله كما في الصلاة، ولا قراءة فيها ولا تشهد. انتهى بتصرف.

وفي رسالة ابن أبي زيد المالكي: والتكبير على الجنازة أربع تكبيرات يرفع يديه في أولاهن، وإن رفع في كل تكبيرة فلا بأس، وإن شاء دعا بعد الأربع ثم يسلم، وإن شاء سلم بعد الرابعة مكانه. انتهى.

وقال خليل بن إسحق المالكي في مختصره: وركنها النية وأربع تكبيرات وإن زاد لم ينتظر، والدعاء، ودعا بعد الرابعة على المختار. وقال ضمن ما يندب: ورفع اليدين بأولى التكبير، وابتداء بحمد وصلاة على نبيه عليه الصلاة والسلام، وإسرار دعاء. انتهى.

وقال النووي الشافعي في منهاجه: فصل لصلاته أركان: أحدها النية، ووقتها كغيرها، وتكفي نية الفرض، وقيل تشترط نية فرض كفاية، ولا يجب تعيين الميت، فإن عين وأخطأ بطلت، وإن حضر موتى نواهم. الثاني: أربع تكبيرات، فإن خمس لم تبطل في الأصح، ولو خمس إمامه لم يتابعه في الأصح، بل يسلم أو ينتظره ليسلم معه، الثالث: السلام كغيرها. الرابع: قراءة الفاتحة بعد الأولى. قلت: تجزئ الفاتحة بعد غير الأولى، والله أعلم، الخامس: الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الثانية، والصحيح أن الصلاة على الآل لا تجب، السادس: الدعاء للميت بعد الثالثة. السابع: القيام على المذهب إن قدر، ويسن رفع يديه في التكبيرات وإسرار القراءة، وقيل يجهر ليلا، والأصح ندب التعوذ دون الافتتاح، ويقول في الثالثة: اللهم هذا عبدك وابن عبدك... إلى آخره، ويقدم عليه، اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، ويقول في الطفل مع هذا الثاني: اللهم اجعله فرطا لأبويه وسلفا وذخرا وعظة واعتبارا وشفيعا، وثقل به موازينهما، وأفرغ الصبر على قلوبهما، ويقول في الرابعة: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده. انتهى.

وفي الدليل من كتب الحنابلة: وأركانها سبعة: القيام في فرضها والتكبيرات الأربع وقراءة الفاتحة والصلاة على محمد والدعاء للميت والسلام والترتيب لكن لا يتعين كون الدعاء في الثالثة بل يجوز بعد الرابعة وصفتها أن ينوي ثم يكبر ويقرأ الفاتحة ثم يكبر ويصلي على محمد كفي التشهد ثم يكبر ويدعو للميت بنحو: اللهم ارحمه ثم يكبر ويقف بعدها قليلا ويسلم وتجزئ واحدة ولو لم يقل ورحمة الله. انتهى.

وفي المطولات فروع كثيرة وتفصيلات يرجع إليها في مظانها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني