الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجامع بين هذه الكتب هو كدر المشرب

السؤال

ما هو حكم قراءة هذه الكتب: القلوب النائمة للشيخ محمد أبو اليسر عابدين. كتاب نزهة المجالس للصفوري في باب الخوف المرشد المعين على الضروري من علوم الدين. كتاب طهارة القلوب للعارف الديريني. كتاب بغية المسترشدين. كتاب النور السافر عن أخبار القرن العاشر للعيدروس. كتاب إعانة الطالبين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالجامع بين هذه الكتب كلها هو المشرب الصوفي بآفاته، وقد يزيد بعضها على بعض في ذلك، فكتاب (تنبيه القلوب النائمة على الأوراد الدائمة) فيه مما يسمى بمجربات المشايخ ما لا يمكن قبوله وجعله دينا. وراجعي لمثال ذلك الفتوى رقم: 25564.

وكذلك الحال في كتاب (طهارة القلوب والخضوع لعلام الغيوب) للشيخ عبد العزيز بن أحمد بن سعيد الديريني.

وأما كتاب (المرشد المعين على الضروري من علوم الدين) للشيخ عبد الواحد بن عاشر الفاسي، فهو نظم مشهور، جمع فيه مؤلفه بين العقيدة الأشعرية والمسلك الصوفي وفقه الإمام مالك، ولذلك قال في مطلعه:

وبعد فالعون من الله المجيد * في نظم أبيات للاميِّ تفيد.

في عقد الاشعريِ وفقه مالك * وفي طريقة الجنيد السالك.

وأما كتاب (نزهة المجالس) فراجعي فيه الفتوى رقم: 53267 .

وأما كتاب (النور السافر عن أخبار القرن العاشر) للعيدروس، فهو وإن كان من كتب التاريخ والتراجم، إلا إن مؤلفه معروف بتعصبه للصوفية المشينة، وقد كان قطب الطريقة العيدروسية في عصره، ولهذا جاء في كتابه من المواقف والحكايات ما لا يقبله مسلم، وهو صاحب كتاب (تعريف الأحياء بفضائل الإحياء).

ولذلك ننصح من كان محتاجا للاطلاع على تراجمه بقراءة النسخة التي حققها الأستاذ محمود الأرنؤوط، حيث علق على بعض مواطن الكتاب المحتوية على مخالفات شرعية فجة. ومما قاله المحقق في مقدمة تحقيقه: وقد كشف لنا في تحقيق الكتاب عن أهميته البالغة لاحتوائه على مجموعة كبيرة من الأحداث والتراجم التي تكمل صورة القرن العاشر الهجري، وتوضح مدى تأثر أهله بمناهج المتصوفة وعدم إنكارهم ما كانوا عليه من مخالفات لنصوص صريحة واضحة معروفة للمسلمين عامة، وللعلماء المحققين منهم خاصة. اهـ.

وأما كتاب (إعانة الطالبين) للدمياطي فهو وإن كان في الفقه الشافعي، إلا إنه لا يخلو من النَفَس الصوفي، كما يلاحظ ذلك من الأحاديث الواهية والمعاني المستنكرة التي يوردها المؤلف، ومن أمثلة ذلك ما ذكره في شرح البسملة، حيث يقول: معاني كل الكتب مجموعة في القرآن، ومعانيه مجموعة في الفاتحة ولهذا سميت أم الكتاب، ومعانيها مجموعة في البسملة، ومعانيها مجموعة في بائها، ومعناها: بي كان ما كان، وبي يكون ما يكون .. ووجه بعضهم كون معاني البسملة في الباء بأن المقصود من كل العلوم وصول العبد إلى الرب هذه الباء لما فيها من معنى الإلصاق تلصق العبد بجناب الرب. زاد بعضهم ومعاني الباء في نقطتها ومعناها أنا نقطة الوجود المستمد مني كل موجود. اهـ.

وكذلك حال كتاب (بغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض الأئمة من العلماء المتأخرين) فعلى ما فيه من فوائد وفرائد، إلا أنه لا يخلو مما يستنكر، سواء من ناحية التصوف أو حتى فروع الفقه، فمن الأول مسألة النذر للأولياء والأشراف وتصحيحها، ومن ذلك قوله: " النذر للولي إن كان بقصد تمليكه لغي، وإلا اتبع فيه العادة الجارية في ذلك المحل إن انتفع به حيّ أو ميت من الصرف في عمارته، وإعطاء القاطنين عنده والصرف في مصالحه، ولا يتقيد بورثته وأقاربه، ومن المعلوم أن الناذرين للمشايخ والأولياء لا يقصدون تمليكهم لعلمهم بوفاتهم، وإنما يتصدقون عنهم أو يعطون خدامهم فهو حينئذ قربة ".

ومن ذلك أيضا قوله: " ذكر بعضهم أن من أراد أن يكون ولده من الشيطان وجنوده محفوظاً، وبعين العناية الإلهية في الدارين ملحوظاً، فليذكر الله قبل المباشرة أولاً بالذكر الوارد عن المصطفى وهو: "باسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا" ثم يشتغل بذكر الحق تعالى باطناً من أول المباشرة إلى آخرها، ثم يحمد الله تعالى بعدها على أن جعل ذلك حلالاً، فإن ذلك مما يغفل عنه الكثير، واستحضار من يحب من أولياء الله وأنبيائه حالتئذ نافع جداً، فيسري سر ذلك الولي أو النبي في الكائن في ذلك الوقت ذكراً أو أنثى ".

ومن فروع الفقه قوله: "شريفة علوية خطبها غير شريف فلا أرى جواز النكاح وإن رضيت ورضي وليها؛ لأن هذا النسب الشريف الصحيح لا يسامى ولا يرام، ولكل من بني الزهراء فيه حق قريبهم وبعيدهم، وأتى بجمعهم ورضاهم، وقد وقع أنه تزوّج بمكة المشرفة عربي بشريفة، فقام عليه جميع السادة هناك وساعدهم العلماء على ذلك وهتكوه حتى إنهم أرادوا الفتك به حتى فارقها، ووقع مثل ذلك في بلد أخرى، وقام الأشراف وصنفوا في عدم جواز ذلك حتى نزعوها منه؛ غيرة على هذا النسب أن يستخفّ به ويمتهن، وإن قال الفقهاء: إنه يصح برضاها ورضا وليها. فلسلفنا رضوان الله عليهم اختيارات يعجز الفقيه عن إدراك أسرارها، فسلَّم تسلم وتغنم ، ولا تعترض فتخسر وتندم .. إذ هم الأسوة لنا والقدوة، وفيهم الفقهاء بل المجتهدون والأولياء بل الأقطاب. اهـ.

ومن ذلك قوله: "ذكر بعضهم ضابطاً لليلة القدر على القول بأنها تنتقل، ونظمها عبد المعطي فقال:

يا سائلي عن ليلة القدر التي * في عشر رمضان الأخير حلت.

فإنها في مفردات العشر * تعرف من يوم ابتداء الشهر.

فبالأحد والأربعا فالتاسعة * وجمعة مع الثلاثا السابعه.

وإن بدا الخميس فهي الخامسة * وإن بدا بالسبت فهي الثالثة.

وإن بدا الاثنين فهي الحادي * هذا عن الصوفية الزهاد ".

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني