الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

السؤال

هل هنالك فرق بين هذه الكلمات: الدعوة إلى الله، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الإلزام والإجبار؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخفى أن هناك فرقا كبيرا بين الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جهة، وبين الإلزام والإجبار من جهة أخرى، فليس من وظيفة الداعي والآمر الناهي أن يلزم الناس بالدين الحق ويجبرهم عليه وإنما هو مبين ومبلغ عن الله، فإن قُبل منه فالحمد لله وإلا فقد أدى ما عليه، قال تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ.

{ الغاشية: 21ـ 22 }.

قال السعدي: أي: ذكر الناس وعظهم، وأنذرهم وبشرهم، فإنك مبعوث لدعوة الخلق إلى الله وتذكيرهم، ولم تبعث مسيطرا عليهم، مسلطا موكلا بأعمالهم، فإذا قمت بما عليك، فلا عليك بعد ذلك لوم، كقوله تعالى: وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد. اهـ.

وقال سبحانه: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ.

{ البقرة: 256 }.

قال السعدي: يخبر تعالى أنه لا إكراه في الدين، لعدم الحاجة إلى الإكراه عليه، لأن الإكراه لا يكون إلا على أمر خفية أعلامه، غامضة أثاره، أو أمر في غاية الكراهة للنفوس، وأما هذا الدين القويم والصراط المستقيم فقد تبينت أعلامه للعقول، وظهرت طرقه، وتبين أمره، وعرف الرشد من الغي، فالموفق إذا نظر أدنى نظر إليه آثره واختاره، وأما من كان سيئ القصد فاسد الإرادة خبيث النفس يرى الحق فيختار عليه الباطل ويبصر الحسن فيميل إلى القبيح، فهذا ليس لله حاجة في إكراهه على الدين، لعدم النتيجة والفائدة فيه، والمكره ليس إيمانه صحيحا. هـ.

وأما الفرق بين الدعوة إلى الله وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فبينهما عموم وخصوص مطلق، فالأمر والنهي جزء من الدعوة، فكل آمر داع، وليس كل داع آمرا، فالذي يُعرِّف الناس بربهم وما يليق به من صفات الكمال والجمال والجلال، كالذي يفسر سورة الإخلاص مثلا، هو داع إلى الله، ولكنه ليس آمرا ولا ناهيا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني