الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشترى شيئا ثم تبين له أنه مغصوب

السؤال

جزاكم الله خير على الأعمال الرائعة التي تخدمون بها الإسلام الكريم، أئمتنا الكرام: أنا شاب كنت مقبلا على افتتاح محل للأنترنت كافي، وقد فتحته، وقبل أن أفتحه ـ كل الناس سمعوا بحادثة الجزائر ومصر وصارت أحداث شغب بالجزائر على مؤسسات مصرية ـ منها شركة اتصالات تابعة لشركة مصرية ـ وعندما كسروا الشركة سرق منها عدد هائل من الحواسيب ـ أتاني أحد بجهازين اشتريتهما منه بسعر لابأس به، ويشهد علي ربي أنني لم أكن أعرف ولاحتى أشك شكا أنه مال حرام، وقد استعمل أحد الجهازين والثاني بعته، وعندما سألت عن ذلك قالوا لي عند ما اشتريتهم وأنت لا تعرف، فهذا يعني أنك خالي المسؤلية أمام الله، وكما تعرفون فإنها شركة كبيرة، وإذا حاولت أن أرجع لها حقها، فمن الممكن أن تكون فيها مسؤولية، وقد تكون خسارتي أكبر، لأنه لا أحد يرجع لي حقي حتى أشتري غيره.
فجزاكم الله خيرا أفتوني بما يريح قلبي بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دمت قد اشتريت الجهازين وأنت لا تعلم كونهما منهوبين، فلا إثم عليك، لكن ذلك لا يسقط حق الشركة في أجهزتها المنهوبة، وبالتالي، فالجهاز الباقي لديك هو للشركة ويلزمك رده إليها ولو بالحيلة، وكذا رد قيمة الجهاز الذي بعته، لأنه قد فات في يدك ولزم ذمتك، وذلك لأن الضمان من خطاب الوضع، فلا يسقط بالخطإ، قال الإمام ابن أبي زيد المالكي في الرسالة ممزوجاً بشرحه: ومن استهلك عرضاً أو أتلفه فعليه قيمته أو مثله في الموضع الذي استهلكه فيه، أو أتلفه ـ سواء كان عمدا أو خطئا ـ إذ العمد والخطأ في أموال الناس سواء وسواء كان بالغا أو غير بالغ ولو مكرها, وسواء باشر أو تسبب على المشهور، لأن الضمان من باب خطاب الوضع.

قال عليش في فتاويه: مسألة في معاملة أصحاب الحرام, وينقسم مالهم قسمين:

أحدهما: أن يكون الحرام قائما بعينه عند الغاصب أو السارق أو شبه ذلك، فلا يحل شراؤه منه, ولا البيع به إن كان عينا, ولا أكله إن كان طعاما, ولا لباسه إن كان ثوبا, ولا قبول شيء من ذلك هبة, ولا أخذه في دين, ومن فعل شيئا من ذلك فهو كالغاصب بكون الحرام قد فات في يده, ولزم ذمته.

وللفائدة انظر الفتوى رقم: 76793

وأما حقك: فهو لدى من باعك الجهازين المذكورين ترجع عليه بما دفعت إليه، وعلى كل، فأنت ضامن للجهازين، لأنك قد علمت بحالهما وكونهما منهوبين من تلك الشركة، وإن كنت تجهل ذلك وقت الشراء، فإنما يسقط عنك الإثم لا الضمان، وبالتالي، فالجهاز الباقي لديك تلزمك إعادته للشركة، وكذا قيمة الجهاز الذي تصرفت فيه وبعته إن لم يمكنك رده وتداركه ممن بعته له، لكن لا يجب عليك إيصال ذلك الحق مباشرة، وإنما يكفيك أن تحتال بما تستطيع من الحيل لإيصال الحق، إذ المعتبر وصوله فحسب، كما يمكنك مساومة الشركة على الجهاز الذي بيدك، فإن رضيت ثمنه وتركه لديك، فلا حرج في ذلك، وإلا فيلزم دفعه إليها، وإن تعذر ذلك كله فيكفيك أن تتصدق بقيمة الجهازين في منافع المسلمين العامة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني