الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين الاستعانة بالله والتوكل عليه

السؤال

ما هو الفرق بين الاستعانة بالله، والتوكل على الله، والدعاء؟ أريد شرحا تفصيليا حتى يتضح المعنى والفرق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الدعاء يدخل في الاستعانة، لأن الاستعانة يطلب بها العون من الله تعالى، وقد سوى ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ بين التوكل والاستعانة، فقال في تعريفهما في المدارج: فإن قلت فما معنى: التوكل والاستعانة؟ قلت: هو حال للقلب ينشأ عن معرفته بالله والإيمان بالخلق والتدبير والضر والنفع والعطاء والمنع، وإنه ما شاء كان ـ وإن لم يشإ الناس ـ وما لم يشأ لم يكن ـ وإن شاءه الناس ـ فيوجب له هذا اعتمادا عليه وتفويضا إليه وطمأنينة به وثقة به ويقينا بكفايته لما توكل عليه فيه وأنه ملي به، ولا يكون إلا بمشيئته شاءه الناس أم أبوه فتشبه حالته حالة الطفل مع أبويه فيما ينويه من رغبة ورهبة هما مليان بهما، فانظر في تجرد قلبه عن الالتفات إلى غير أبويه وحبس همه على إنزال ما ينويه بهما، فهذا حال المتوكل، ومن كان هكذا مع الله، فالله كافيه ولا بد، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.

انتهى.

وقال ـ أيضا: والاستعانة تجمع أصلين: الثقة بالله، والاعتماد عليه، فإن العبد قد يثق بالواحد من الناس ولا يعتمد عليه في أموره مع ثقته به لاستغنائه عنه، وقد يعتمد عليه مع عدم ثقته به لحاجته إليه ولعدم من يقوم مقامه فيحتاج إلى اعتماده عليه مع أنه غير واثق به.

والتوكل معنى يلتئم من أصلين: من الثقة، والاعتماد، وهو حقيقة إياك نعبد وإياك نستعين.

وهذان الأصلان ـ وهما التوكل والعبادة ـ قد ذكرا في القرآن في عدة مواضع قرن بينهما فيها، هذا أحدها.

الثاني قول شعيب: وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.

{ هود: 88 }.

والثالث قوله تعالى: وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ.

{ هود: 23 }.

الرابع قوله تعالى حكاية عن المؤمنين: رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

{ الممتحنة: 4 }.

الخامس قوله تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ.

{ آل عمران: 41 }.

السادس: قلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ.

{ الرعد: 30 }.

انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني