الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قلب الفريضة نافلة

السؤال

بعض الأحيان في صلاة الفرض ذات الأربع ركعات يحصل حولي بعض الإزعاج وأنا في الركعة الثالثة، ثم أحول نيتي لنافلة وأجلس وأنا في الثالثة وأقرأ التحيات والتشهد الأخير وأسلم وبعدها أسجد سجدتين لزيادة وأسلم هل فعلي صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي ينبغي لك أولا هو أن تتحري لصلاتك مكانا تعلمين أو يغلب على ظنك أن الشواغل لا تعرض لك فيه، سواء كانت صلاتك هذه فرضا أو نفلا، ثم اعلمي أن العلماء اختلفوا في حكم قلب الفريضة نافلة، فمنهم من قال بالتحريم، ومنهم من قال بالكراهة وتصح النافلة إلا لغرض صحيح كتحصيل الجماعة فتزول الكراهة، وهذا الثاني هو مذهب الحنابلة، جاء في الروض مع حاشيته: يكره قلب فرضه نفلا، لغير غرض صحيح، لكونه أبطل عمله، ويصح، صححه في تصحيح الفروع، وعنه يحرم قال القاضي: رواية واحدة، لقوله: { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ . فإن كان لغرض صحيح مثل أن يحرم منفردا فيريد الصلاة في جماعة ونحوه لم يكره أن يقلبه نفلا ليصلي معهم بل هذا أفضل. انتهى بتصرف

وبه تعلم السائلة أن الذي ينبغي لها هو ترك هذا الفعل لقوة القول بالمنع وخروجا من الخلاف، وما ذكرته من حصول الإزعاج ليس عذرا يبيح قطع الفريضة ولا قلبها نافلة، وانظري الفتوى رقم 136717، لكن إن كان هذا العارض الذي يعرض من الإزعاج شديدا بحيث يحول بينك وبين الخشوع في الصلاة وأدائها على وجهها، فقد يتجه أنه يجوز لك قطعها وقلبها نفلا لتأتي بالفرض على وجه أكمل، وهذا غرض صحيح يبيح قطع الصلاة المفروضة وقلبها نفلا فيما يظهر.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله: وقد يقول قائل: كيف يقطعها وقد دخل في فريضة، وقطع الفريضة حرام؟

فنقول: هو حرامٌ إذا قطعها ليترُكَهَا، أما إذا قطعها لينتقل إلى أفضل، فإنه لا يكون حراماً، بل قد يكون مأموراً به، ألم تَرَ أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهديَ أن يجعلوا حجَّهم عُمْرة (1) من أجل أن يكونوا متمتِّعين، فأمرهم أن يقطعوا الفريضة نهائياً؛ لأجل أن يكونوا متمتِّعين؛ لأن التَّمتُّع أفضل من الإفراد، ولهذا لو نَوى التَّحلل بالعُمْرة ليتخلَّص من الحجِّ لم يكن له ذلك، فهذا لم يقطع الفرض رغبة عنه؛ ولكنه قطع الفرض إلى ما هو أكمل وأنفع. انتهى

لكنك إذا فعلت هذا وقلبت الفريضة نافلة لم يشرع لك سجود السهو لعدم وجود سببه، ولكن ههنا أمر ينبغي التنبيه عليه وهو أن بعض العلماء منع من التطوع بركعة أو بثلاث أو بخمس، وهذا خلاف آخر للعلماء ينبغي أن تخرجي نفسك منه، وأن تتم صلاتك شفعا حيث وجد السبب المبيح لقطع الفريضة وقلبها نافلة.

قال الزركشي في شرحه على الخرقي رحمهما الله: ومفهوم كلام الخرقي أنه لا يجوز التطوع بركعة ، وهو إحدى الروايتين ، ونصرها أبو محمد –يعني ابن قدامة- ، لظاهر حديث ابن عمر المتقدم ( والثانية ) يجوز ، ونصرها أبو البركات.-يعني مجد الدين ابن تيمية- لأن عمر دخل المسجد فصلى ركعة ، فتبعه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إنما صليت ركعة ، قال : هو تطوع ، فمن شاء زاد ، ومن شاء نقص . وصح عن اثني عشر من الصحابة نقض الوتر بركعة ، وهي تطوع ، وكذلك الخلاف في التطوع بالأفراد كالثلاث ونحوها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني