الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يلزم الابن أن يدفع لأبيه أي مال يطلبه منه

السؤال

أنا مهندس أعمل في دولة الإمارات منذ حوالي سنتين، ودخلي الشهري جيد وغير متزوج، والدي يطالبني بأن أدفع له كل شهر مبلغا ماليا يعادل حوالي 35% من مرتبي، وأنا على خلاف مع والدي منذ سنتين على ذلك. المشكلة أن والدي رجل مقتدر، ويعمل، ولديه عدد لا بأس به من العقارات والأراضي يعادل حوالي 2 مليون ريال سعودي أو 580 ألف دولار أمريكي، لي أخ يدرس في كلية الطب، ويكلف والدي مبلغا كبيرا بالفصل الواحد، ولدينا سيارة وخادمة بالمنزل، ووالدي يقول إن نقوده لا تكفي لكل هذه المصاريف، ويريد مني المساعدة، علما بأني حاولت إقناعه ببيع عقار من العقارات، ولكنه رفض.
والدي يريد مني أن أدفع له المبلغ حتى الزواج بحجة أن هذا حق له علي، علما يا فضيلة الشيخ بأني مقبل على الزواج، وأجمع مالي وأوفره حتى أعيش به حياة كريمة في بلدي الأردن، حيث إن أسعار العقارات وتكاليف الزواج باهظة جدا، ويلزم العمل في دول الخليج حوالي 5 سنوات لتأمين كافة المصاريف، وإذا أعطيت والدي المبلغ الذي يطلبه فهذا سيؤدي إلى تأخير زواجي 3 سنوات إضافية، وأنا حتى هذا اليوم رافض إعطاءه المبلغ حتى أدى ذلك إلى خلاف كبير بيني وبينه ترتب عليه قطيعة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن حق والدك أن يأخذ من مالك ما يحتاج إليه ، أما لغير حاجته فالجمهور على أنه لا يحق له الأخذ ، ويرى الحنابلة أن للأب أن يأخذ من مال ولده ولو من غير حاجة، لكن بشرط ألا يجحف بمال الولد، وألا يأخذ من مال ولده ويعطي ولدا آخر.

قال ابن قدامة: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها صغيرا كان الولد أو كبيرا بشرطين أحدهما : أن لا يجحف بالابن ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته. الثاني : أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر ... وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته " المغني - (6 / 320)

فإذا كان ما يطلبه والدك منك يجحف بمالك أو يعرضك للضرر بتأخير زواجك فلا يلزمك طاعته فيه، لكن عليك بكل حال أن تبره وتحسن إليه بما تقدر عليه، ولا يجوز لك بحال أن تسيء إليه أو تغلظ له في الكلام ، لكن عليك أن تعتذر له بأدب عما لا تقدر عليه مما يطلبه منك.

واعلم أن بر الوالد من أفضل القربات عند الله، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه" رواه ابن ماجه والترمذي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني