الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

كيف أتصرف؟ أو كيف أرد على من قال لي: إن اللحية كانت ظاهرة اجتماعية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، والدين في القلب؟ وهذه ـ أي اللحية ـ قشور وبالنسبة له لا تعني شيئا؟ وأعلمكم أن هذا الشخص يصلي ومهنته معلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكما يجب أن نفرق بين العادات والعبادات ونعرف الأصل في كل منهما، كذلك يجب أن نعرف أن العبادات تتنوع وتتعدد بحسب متعلقها فمنها ما يخص البدن ـ كالصلاة والصيام ـ ومنها ما يخص المال ـ كالزكاة والصدقة ـ ومنها ما يخص الهيئة واللباس والزينة ـ كترك لبس الذهب والحرير للرجال ـ ومنها ما يجتمع فيه ذلك كله ـ كالحج ـ فأما تعلقه بالبدن والمال فظاهر.وأما تعلقه بالهيئة: فيظهر في محظورات الإحرام، فترك المحرم لشعره وأظفاره ولبس المخيط من الثياب واستعمال الطيب، كل ذلك يدخل اجتنابه في العبادات، لا لشيء، إلا لأمر الشارع به.

والمقصود أن ننبه على أن كون الشيء عبادة، أو عادة إنما يعرف بتعلق الأوامر والمطالب الشرعية به، فلولا نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الذهب والحرير للرجال لما حرم ذلك عليهم، ولما صار تركه عبادة يتقربون بها إلى الله.

وهكذا في كل ما ورد به الشرع، ومن جملة ذلك إطلاق اللحية، فلو كان الشأن فيها شأن العادات والظواهر الاجتماعية الوراثية لما حكم فيها النبي صلى الله عليه وسلم بأمر ولا نهي، ولكن قد ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في الأمر بإطلاق اللحية، فصار إطلاقها بهذا الأمر النبوي الكريم عبادة وليس عادة، وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بأن ذلك كان أمرا من ربه تبارك وتعالى، فقال صلى الله عليه وسلم: أمرني ربي أن أعفي لحيتي وأحفي شاربي. رواه ابن بشران في أماليه عن أبي هريرة، ورواه أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس، والحارث بن أبي أسامة عن يحيى بن أبي كثير مرسلا، وحسنه الألباني بمجموع طرقه.

وقد سبق لنا في كثير من الفتاوى بيان ذلك، ونص أكثر أهل العلم على حرمة حلق اللحية، فراجع على سبيل المثال هاتين الفتويين: 120618، 35930.

وأما مسألة الدين في القلب: فهي مقدمة ظاهرة البطلان، ويكفي تصورها لإبطالها، فإن أهل الحق قد أجمعوا على أن الإيمان قول وعمل، فمنه شعب ظاهرة ومنه شعب باطنة، وإلا فأين الصلاة وبقية أركان الإسلام التي هي أعمال للجوارح، وليست أعمالا قلبية؟.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني