الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من يقول بكراهة حلق اللحية، وحكم تخفيفها بآله الحلاقة

السؤال

سألت مرة فأحلتموني إلى فتاوى أخرى لم تجب عن سؤالي، وهو: هل من يقول بكراهة حلق اللحية.... يكون كافرا أم لا؟ وما حكم التخفيف بآلة الحلاقة الكهربائية، وليست الحلاقة بالموسى؟ وهل هناك حد في التخفيف؟ أم كلها اجتهادات؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا يكفر من قال بكراهة حلق اللحية، فقد قال به جمع من أهل العلم، وهو مذهب الشافعية المعتمد عندهم، كما نصّ عليه الشيخان: الرافعي والنووي، وتابعهم الغزالي، وشراح المنهاج، وأصحاب الحواشي، وغيرهم من المتأخرين.

جاء في حاشية الشرواني: المعتمد عند الغزالي، وشيخ الإسلام، وابن حجر في التحفة، والرملي، والخطيب وغيرهم: الكراهة.... اهـ.

ولا نعلم أحدا من أهل العلم بدَّعهم بذلك فأحرى أن يكفرهم، وإنما يرد عليهم ببيان رجحان التحريم، لأحاديث الصحيحين، ولأنه ذكره الإمام الشافعي في الأم، فقد قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: قال الشيخان: يكره حلق اللحية، واعترض ابن الرفعة في حاشيته الكافية بأن الشافعي -رحمه الله- نصّ في الأم على التحريم، قال الزركشي، وكذا الحليمي في شعب الإيمان، وأستاذه القفال في محاسن الشريعة، وقال الأذرعي: الصواب تحريم حلقها جملة؛ لغير علة بها. اهـ.

وجاء في حاشية الشرواني: المعتمد عند الغزالي، وشيخ الإسلام، وابن حجر في التحفة، والرملي، والخطيب وغيرهم: الكراهة... لكن ثبت في الصحيحين الأمر بتوفير اللحية، أي بعدم أخذ شيء منها، وهذا مقدم؛ لأنه أصح. اهـ.

وأما التخفيف بآلة الحلاقة الكهربائية فيعتبر من التقصير، ولا يعتبر حلقا، كما هو في حلق وتقصير الحجاج، فيعتبر بالموسى حلقا، ويعتبر بالماكينة تقصيرا.

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله: وأما عن حكم التقصير بالآلة: فلا نراه جائزا، لما فيه من خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: وفروا اللحى ـ أعفوا اللحى ـ أرخوا اللحى.

وأما عن حد التخفيف المشروع: فبعض الفقهاء لم يحدده: وبعضهم حدده بالقبضة.

فقد جاء في الاختيار ـ وهو من كتب الحنفية: قال محمد عن أبي حنيفة: تركها حتى تكث، وتكثر، والتقصير فيها سنة، وهو أن يقبض الرجل لحيته فما زاد على قبضته قطعه؛ لأن اللحية زينة، وكثرتها من كمال الزينة، وطولها الفاحش خلاف السنة. اهـ.

وجاء في المدونة: قلت لابن القاسم: هل كان مالك يوجب على المحرم إذا حلَّ من إحرامه أن يأخذ من لحيته، وشاربه، وأظفاره؟ قال: لم يكن يوجبه، ولكن كان يستحب إذا حلق أن يقلِّم، وأن يأخذ من شاربه ولحيته، وذكر مالك أنّ ابن عمر كان يفعله. اهـ.

وقال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار: قال ابن القاسم: فقيل لمالك: فإذا طالت جدًا فإن من اللحى ما تطول، قال : أرى أن يؤخذ منها وتقصر. اهـ.

وجاء في بدائع الفوائد: قال ابن هانئ سألت أبا عبد الله عن الرجل يأخذ من عارضيه، قال: يأخذ من اللحية بما فضل عن القبضة... اهـ.

وراجع للمزيد في حكم الأخذ من اللحية الفتوى: 71215.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني