الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن أم وجد وشقيقة وأخ لأب وأخ وأخت لأم

السؤال

الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: أم، وجد، وأخت شقيقة، وأخ لأب، وأخ لأم، وأخت لأم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأخ من الأم والأخت من الأم لا يرثان مع وجود الجد باتفاق الفقهاء، قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على أن الإخوة من الأم لا يرثون مع الأب، ولا مع جد أبي أب. انتهى.

وإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر ـ ولم يترك الميت وارثاً غيرهم ـ فإن للأم السدس ـ فرضاً ـ لوجود جمع من الإخوة، قال الله تعالى: فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 11}.

وعلى قول الجمهور القائلين بتوريث الإخوة مع الجد، فإن الباقي يقسم بين الجد والإخوة، لأن المقاسمة هنا أحظ للجد من ثلث الباقي وسدس جميع المال، ثم بعد أخذ الجد نصيبه تأخذ الأخت تمام النصف ويسقط الأخ من الأب، لأنه لم يبق له شيء، قال صاحب الروض: وتأخذ أنثاهم إذا كانت واحدة تمام فرضها ـ وهو النصف ـ وما بقى لولد الأب. انتهى.

فتقسم التركة على ستة أسهم، للأم سدسها ـ سهم واحد ـ وللجد سهمان، وللشقيقة ثلاثة أسهم، ولا شيء للأخ من الأب، وهذه القسمة على طريقة زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ في توريث الإخوة مع الجد، وإلا فإن الجمهور اختلفوا في طريقة توريث الإخوة مع الجد، فعلي له طريقة في توريثهم، وابن مسعود له طريقة أخرى، وما ذكرناه هو طريقة زيد بن ثابت، وأما على القول بأن الجد يحجب الإخوة حجب حرمان كما يحجبهم الأب، فإن التركة تقسم على ستة أسهم، للأم سدسها ـ سهم واحد ـ والباقي خمسة أسهم للجد، ولا شيء للشقيقة ولا للأخ من الأب، وهذا القول هو قول أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وجمع من التابعين، وقال به من الأئمة الأربعة أبو حنيفة ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام وابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب وقال به جماعة من الشافعية، قال ابن عثيمين في الشرح الممتع: القول الصحيح: أن الجد أب يسقط الإخوة كلهم والحمد لله، وهذا هو القول الذي إذا تأمله الإنسان وجد أنه هو القول المتعين، لأنه لو كانت هذه التفاصيل من شريعة الله لكان في بيان القرآن والسنة نقص، فالكتاب من فاتحته إلى خاتمته لا يوجد فيه هذا التفصيل، واقرأ السنة حديثاً حديثاً لا تجد فيه هذا التفصيل، ولو كان هذا التفصيل من شريعة الله ما تركه الله عز وجل، ولا تركه رسوله صلى الله عليه وسلم ويكفي هذا في إبطال هذا القول، وفي تعين القول الصحيح الذي لا يسوغ للناظر أن يتعداه إلى غيره، لأنه واضح. انتهى.

وتوريث الإخوة مع الجد هو المفتى به عندنا، وانظر الفتوى رقم: 134903، عن ميراث الإخوة مع الجد.

والله أعلم.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني