الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الأبناء إذا كانت أمهم تتدخل في حياتهم وتهين زوجاتهم

السؤال

نحن ثلاثة إخوة متزوجون ـ والحمد لله ـ وصلب الموضوع: هو علاقة الأم معنا ومع الزوجات، فالوالدة ـ حفظها الله ـ تتدخل في كل كبيرة وصغيرة والوالد متوفى ـ رحمه الله ـ ثم إنها والحمد لله في أطيب عيش والوالد قد ترك لها مرتبا شهريا يكفيها، والمشكلة باختصار أن الوالدة لا تطيق زوجات أبنائها لدرجة أنها قد قاطعتنا ولم ترد أن تكلمنا حاولنا معها مرارا ولكنها مازالت على إصرارها، الأسباب كثيرة وشائكة ولا يتسع المقام لذكرها، ولكن أرى أننا غير مقصرين معها ولم نؤذها بقول أو فعل، ولكن دعواتها بعدم الربح وكرهها الشديد لزوجات أبنائها حيرنا، نعم إنها الغيرة الشديدة ولكن يا إخواني ألا ترون أن هناك حدودا لتدخل الأمهات في حياة أبنائهم؟ ألا ترون أن من الظلم أن تعامل الأم زوجة الابن بصورة مهينة وتكيل لها الاتهامات، إلخ؟ لا أدري كيف أجسم الواقع القاتم ،ولكن الأم متجهة إلى بيت إحدى بناتها، حيث تقوم بناتها وهن كثر بتلبية كل رغباتها وتوصيلها في سياراتهن الخاصة فما الحاجة إلينا؟ يا أخي هذا الموضوع هو مشكلة حياتي التي أخاف أن توردني مورد سوء يا أخي أعرف حق الأم حق المعرفة، ولكن أنت لا تدري القسوة والظلم الواقع علينا المهم أن الوالدة لها بضعة أشهر لا تريد حتى كلامنا لماذا؟ لا أدري ما هو السبب؟ حاولنا مع أقرب الناس لنا لكنها ترفض وتقول إننا فوضنا عليها نساءنا وأننا أبدلناها بهم، كيف ذلك؟ والله لا أدري، تقيم الوالدة مع ابنتها غير المتزوجة في الدور الأرضي ونحن فوق، ولديها ست بنات متزوجات ـ والحمد لله ـ وللأمانة فقد سافرت حتى إلى بلدان مجاورة بدون علمنا بحجة أنها مريضة ولم يرد أحد أن يسافر بها؟ لا تريد لأحد أن يتدخل بأمرها يا سيدى ما هو حدود معاملة الأم؟ وكيف توجهها؟ وكيف تعاملها إذا أخطأت؟ كيف توجهها بعد هذا العمر؟ إذا نصحت، أو تكلمت فأنت من المغضوب عليهم، وإذا زدت في الحديث وعدم الرضا، فأمورا كهذه لا ترضي الله ولا رسوله وهنا تبدأ المقاطعة، لا حديث لا أريد شيئا ونحن في القائمة السوداء، أصلح الله الوالدة والتي يعلم الله كم نحبها، ولكن أنا في أكبر حيرة في حياتي وحياة إخوتي.
أرجو الإفادة بتفصيل دقيق ولكم جزيل الشكر وآسف جدا على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يحق للأم أن تتدخل في حياة أولادها المتزوجين إلا بنصح، أو مشورة بالمعروف، ولا يجوز لها أن تهين زوجات أبنائها، لكن ذلك لا يبيح لأولادها أن يسيئوا إليها، أو يقصروا في حقها، فإن حق الأم على أولادها عظيم وبرها من أوجب الواجبات مهما كان حالها، والذي ننصحكم به أن تحرصوا على بر أمكم ورعايتها وطاعتها في المعروف وتجتنبوا ما يغضبها وتظهروا لها مودتكم ومزيد اهتمامكم بها وحرصكم على إرضائها، وتتعاملوا معها بالحكمة فتجمعوا بين برها وبين إحسان عشرة زوجاتكم، وذلك بالمداراة واستعمال المعاريض والتورية، وانظر في بيان ذلك الفتوى رقم:68919.

كما أنّ الحرص على لين الكلام ومقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.{ فصلت: 34}.

فإذا كان ذلك مع بعض الأعداء فكيف بالأم التي هي أرحم الناس بولدها ؟ أما عن أمر الوالدة بالمعروف ونهيها عن المنكر: فلا بد أن يكون برفق وأدب ولا يجوز لكم أن تنهروها، أو تغلظوا لها في الكلام، قال ابن مفلح: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ.

وانظر الفتوى رقم: 65179.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني