الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء بالمأثور وجوامع الدعاء والتزام الأدب مع الله تعالى

السؤال

عندي صديق وجدته قد كتب هذا الدعاءيا رب أعطني قلبا قويا يحتمل أخطائي ، وقلبا أقوى لأحتمل أخطاء الآخرين ، وقلبا مؤمنا لألقي بكل هذه الهموم عليك"بقلم أنيس منصورفاعترضت علي ما كتب وقد أجبته عندي ملاحظة بسيطة الإنسان لن يجد أرحم من الله ليدعوه فيعطيه ويدعو بما شاء وكيف شاء ولكن لا ننسى أننا ندعو رب البرية وخالق الكون وملك الملوك فيجب أن نختار أفضل كلمات الحمد والثناء واعتراضي علي كلمة لألقي بكل هذه الهموم عليك طبعا اعتراضي شخصي والله أعلم من ناحية شرعية فلماذا لا نقول لتزيح عني أو لتفرج كل همومي و شكرافلو تكرمتم وأجبتوني من ناحية شرعية حتي يكون لدي دليل على اعتراضي وهل قوله لألقي بهمومي عليك صحيح أو لا يجوز قولها؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن الأفضل للمسلم أن يتخير الأدعية المأثورة وجوامع الدعاء الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هذا المعنى ما في مسند إسحاق بن راهويه عن عائشة: أن أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكلمه في حاجة وعائشة تصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة: عليك بالجوامع والكوامل، قولي: اللهم إني أسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إني أسألك مما سألك منه محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك مما استعاذ منه محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم ما قضيت لي من قضاء فاجعل عاقبته لي رشدا.

والحديث رواه الإمام أحمد في المسند بلفظ قريب من هذا، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح

وفي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك، وصححه الألباني.

وقد أخرج الإمام أحمد والترمذي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد تشهد ودعا فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم إني أسألك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أتدرون بم دعا، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. رواه النسائي والإمام أحمد.

ومع ذلك فلا مانع شرعا أن يدعو المسلم بما تيسر له من الأدعية التي ينشئها من تلقاء نفسه، لأن باب الدعاء واسع فللمسلم أن يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة ما لم يشتمل دعاؤه على إثم أو قطيعة رحم أو شرك أو سوء أدب أو نحو ذلك.

فقد جوز أهل العلم الإتيان بغير الصيغ المأثورة في الدعاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم واستدلوا لذلك بإقراره صلى الله عليه وسلم للصحابة الذين كانوا يلبون بألفاظ أخرى غير التلبية التي لبى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ولا شك أن الأدب في الدعاء مع الله أمر متعين ويستحب كذلك تقديم الثناء على الله

ولو أن صديقك قال بدل قوله: (لألقي بهمومي عليك) لألقى بهمومي إليك لما كان فيها سوء أدب بل يكون كمن يشكو همه إلى الله وذلك غير مذموم فقد اشتكى يعقوب عليه السلام إلى الله تعالى عندما فقد يوسف عليه السلام، وقال: { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ }.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني