الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة، وسبعة أبناء، وبنتين إحداهما تدعي أن لها مالا بذمة والدها

السؤال

الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: زوجة، وسبعة أبناء، وبنتان.
إحدى البنات تدعي بأن لها عند والدها المتوفى مبلغ:50000 ألف ريال سعودي وذلك من مهرها الذي تدعي بأنه أخذه منها في زواجها قبل حوالي 30 سنة، مع العلم بأنها لم تطالب بأي شيء أثناء حياة الوالد، فما الحكم؟ لأنها تطالب بالمبلغ قبل التقسيم على الرغم من أن الجميع موافق ومؤيد فكرة التقسيم وكل واحد يأخذ نصيبه الشرعي الذي كتب له ـ والجميع يعيش في اليمن ـ فما الحل؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن المعلوم أن المهر حق للمرأة وليس لأبيها، قال الله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً { النساء: 24}.

ولكن يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده ـ ذكرا كان أو أنثى ـ ما لا يتضرر به الولد, قال صاحب الروض: وله ـ أي لأب حر ـ أن يأخذ ويمتلك من مال ولده ما لا يضره ولا يحتاجه، لحديث عائشة مرفوعا: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم, وإن أولادكم من كسبكم ـ رواه سعيد, والترمذي وحسنه ـ وسواء كان الوالد محاتجا أو لا، وسواء كان الولد كبيرا، أو صغيرا , ذكرا أو أنثى، وليس له أن يتملك ما يضر بالولد، أو تعلقت به حاجته. اهـ.

وعلى هذا، فما أخذه والدها من مهرها إن كان لم يلحق ضررا بها ولم تكن بحاجة إليه فليس لها أن تطالب به، وأما إذا كان قد أضر بها بأخذ المهر كاملا وتعلقت حاجتها به ولم ينفقه عليها وأقامت البنت بينة على ذلك، أو صدقها الورثة في دعواها فلها الحق في المطالبة به, ويخصم من التركة قبل قسمتها على الورثة, ثم يقسم الباقي عليهم, وعدم مطالبتها بحقها في حياة أبيها لا يسقط حقها الآن ولا يدل على رضاها فربما علمت أنه لن يعطيها إياه، أو لم تطالب به خوفا على نفسها، أو خوفا من سخطه عليها، أو نحو ذلك من الأعذار, وأما إذا لم تقم بينة على دعواها ولم يصدقها الورثة فإنهم يحلفون على انتفاء علمهم بصحة دعواها، فإن حلفوا فلا حق لها فيما تطلبه, والقاعدة الشرعية في هذا الباب هي أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم, ولكن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. وفي رواية: واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.

وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 76263, 116932, 129257.

ومن توفي عن زوجة وابنتين وسبعة أبناء ولم يترك وارثا غيرهم، فإن لزوجته الثمن ـ فرضا ـ لوجود الفرع الوارث, قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ { النساء: 12}. والباقي للأبناء والبنتين ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ { النساء:11 }.

فتقسم التركة على مائة وثمانية وعشرين سهما:

للزوجة ثمنها ـ ستة عشر سهما ـ

ولكل ابن أربعة عشر سهما, ولكل بنت سبعة أسهم.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه ، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق ، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث ، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني