الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أثر الغش في الامتحانات على الوظيفة والراتب

السؤال

أنا شاب مغربي، عمري 25 سنة، حاصل على شهادة الماستر (أو ما يعادل باكلوريا (الثانوية العامة )+ خمس سنوات) في علوم التسيير، تخصص المالية، وقد توظفت منذ أشهر في مؤسسة حكومية بهذا الماستر بعد اجتياز مباراة، قد نجحت فيها، وقد وَظَّفُونا في عمل متعلق بمهمة المؤسسة وليس متعلقا بتخصصنا.
المشكل هو أنه في سنوات الإجازة من أجل الحصول على شهادة الليسانس (ثلاث 3 سنوات) كنت قد غششت في كثير من المواد في السنة الأولى، وكان ذلك في كل المواد، وفي السنة الثانية كان هناك أيضا غش في الامتحانات ولكن ليس كنسبة الغش في السنة الأولى بل أقل، أما في السنة الثالثة، فكان عندنا التخصص بحسب النقط المحصل عليها في السنة الأولى والثانية. ومن المتوقع أن أكون قد ظلمت أحد الطلبة في أخذ مقعده في ذلك التخصص. وفي هذه السنة (يعني الثالثة) كان الغش قليلا ولا أظنه أثر تأثيراً كبيراً. ومن بعد نجحت وأخذت الإجازة أي الليسانس وتقدمت إلى الماستر بالنقط المحصل عليها في السنوات الثلاثة للإجازة من أجل الانتقاء الأولي، ومررت بعد ذلك لاجتياز مقابلة شفوية ونجحت فيها، وبدأت الدراسة في الماستر (مدة سنتين) ونجحت بميزة، وقد أحسست بخطر الغش بعد التحاقي بالسنة الأولى من الماستر.
وقد سألت أحد المشايخ في ذلك الوقت عن الغش وحكم الإجازة (التي أمضيت فيها ثلاث 3 سنوات) المحصل عليها فقال لي بأني لم أغش في كل شيء فيكفي الاستغفار، ولكني لم أسأله عن إلتحاقي بالماستر على أساس تلك الإجازة، وقرأت بعض الفتاوى في هذا الموضوع، وعلى أساسها أتممت دراستي في الماستر، (وكأني كنت أبحث عن فتوى لا تبطل الإجازة لكي أكمل دراستي في الماستر)، فالآن أنا مهموم ومغموم وخائف جدا من ظلمي للناس في الماضي وأكل الحرام.
علما أن هذه الإدارة التي توظفت فيها تُخصص لكل مستوى أجرة ورتبة مهنية محددة كما هو معروف في جميع المؤسسات الحكومية، وقد تقدمت بالماستر (الذي يعادل باكلوريا + خمس 5 سنوات، وقد غششت في السنة الأولى والثانية وشيئا قليلا في الثالثة كما ذكرت سابقا من مجموع خمس 5 سنوات الدراسة الجامعية، إضافة إلى أنه كان هناك غش في سنوات الثانوية العامة لا أذكر نسبته من أجل الحصول على الباكلوريا)، وقد حدد له (أي هذا الماستر)، من أجل التمييز بين المستويات والشهادات، أجرة ورتبة محددة من طرف هذه المؤسسة. وهذه الرتبة تنبني عليها المنح والمكافآت المادية والتطور في الرُّتَب والرواتب خلال المشوار المهني كما هو معروف.
فهل يَنسخ هذا الماستر ما فات من الغش بحكمه الشهادة الأخيرة وهي التي تقدمت بها إلى هذا العمل؟ أم أن شهادتي تعتبر غير كاملة لأني قد غششت في السنوات السابقة وشهادة الماستر تعادل (باكلوريا+ خمس سنوات) يعني ثلاث سنوات في الإجازة + سنتين في الماستر، فماذا أفعل، كما أني لست من الطلبة الذين لم يحصِّلوا شيئا من العلم، بل مستواي معقول؟ عذراً من هم أعضاء اللجنة.. سامحوني على جرأتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان السائل كفئاً للوظيفة التي هو فيها، ويؤدي عمله بإتقان، فلا يضره ما حصل منه، وراتبه من هذه الوظيفة حلال إن شاء الله.

وقد سئُل الشيخ ابن باز: طالب حصل على الشهادة الجامعية، وكان خلال المراحل التي اجتازها من مراحل التعليم يتطرق أحياناً إلى الغش من مذكرات يحملها أو من زملائه، وقد كان ذلك عوناً له للوصول إلى ما وصل إليه من حصوله على الشهادة الجامعية، وبعد تخرجه تم تعيينه في إحدى المصالح حسب الشهادة التي يحملها، وأصبح يأخذ مقابل ذلك راتباً شهرياً، فهل هذا الراتب حلال أم حرام، علماً بأنه يؤدي المهام الوظيفية المناطة به خير تأدية، بل يزيد على ذلك في أوقاته الخاصة، وإذا كان هذا الشيء الحاصل حراماً فما هو المخرج أفتونا مأجورين؟ فأجاب: عليه التوبة إلى الله مما فعل والندم، وأما الوظيفة فصحيحة وما أخذه صحيح، ما دام يؤدي المهمة التي أسندت إليه ويقوم بها، والحمد لله، ولكن كما قلنا عليه التوبة إلى الله من هذا العمل السيء المنكر، والتوبة تجبُّ ما قبلها. انتهى.

ومما ييسر على السائل الأمر أن مؤهله الأخير الذي حصل عليه في آخر مراحله الدراسية لم يكن فيه غش، والحمد لله وهذه هي أهم المراحل، وبها يكون الاعتبار كما قال الشيخ ابن عثيمين: العبرة على السنة الأخيرة التي فيها الشهادة، فمثلاً لو قدرنا أنه غش في كل المستويات إلا الأخير كفى. انتهى.

وراجع في ذلك الفتوى رقم: 121537.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني