الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل حول الاستنجاء وتطهير النجاسات

السؤال

السؤال الأول: بالنسبة لاستعمال الشطافة والتي هي عبارة عن حوض وفي أسفله رشاش ماء بحيث يجلس الشخص للاستنجاء، وهي موجودة في أغلب الحمامات الحديثة. في أثناء استعمالها ينزل شيء من البراز على الحوض مع استمرار تدافع الماء لكن كتل البراز الصغيرة تبقى في مكانها. فما الحكم هنا هل يحكم بالتنجس لأنه قد ينزل الماء ويرتد على المؤخرة بعد نزوله على البراز أم أننا لا نلتفت لذلك؟
السؤال الثاني: بالنسبة لاستعمال المناديل الورقية في الاستنجاء من البول، أحياناً تترك أثراً على القضيب كذرات صغيرة وهذا ناتج عن طبيعتها الورقية، وقد تبقى على القضيب أو تنزل على الأرض. فما العمل هل يلتفت إلى مثل هذا الأمر أم لا لأنه قد يشق على المرء تطهير الأرض خاصة أنه صعب رؤية ذلك وأين نزل وما شابه ويتكرر كثيراً.
السؤال الثالث: الصراصير والذباب في الحمام (بيت الخلاء) وأيضاً بيض الصراصير هل أعتبره طاهرا لأنه سيكون هناك مشقة كبيرة دائمة في تتبع أين هي والتطهير. راجعت الفتوى الموجودة وفيها حكمان لكن لم أفهم بالضبط فمن قال بنجاستها هل وضع بعين الاعتبار أنه قد يشق على الشخص تتبع وقتل هذه الحشرات. وفي مرة وجدت الحشرة بالفعل حطت على البول ثم طارت وحطت في كثير من الأماكن. فهل كلها أصبحت نجسة. وهل كل أثر يتركه الصرصور كبيضه الأسود مثلا نجس، مع العلم أن الشخص يزيل أثر الصرصور لكن بعد فترة زمنية قصيرة يشاهد المزيد والمزيد.
السؤال الرابع والأخير: الاستنجاء بكافة أنواعه فيه نزول للماء على البدن أو الأرض أو حوض كالبانيو مثلاً، وبالتأكيد على مر العصور لكن السؤال هنا أن الماء المنفصل في البداية سيكون متسخاً إلى أن يطهر المحل، وسيكون هناك رذاذ وارتطام للماء خاصة إذا كان متدفقاً على الأرض. فما الحكم هنا هل يحرص الشخص على إزالة اثر النجاسة ولا يلتفت إلى كل ذلك أم ينظف نفسه والأرض وجدران الحوض خوفاً من أن تكون هناك رذاذ نجس من الماء قد أصاب هذا الموضع أم ذاك؟
السؤال الخامس: عندما نسحب السيفون لينزل الماء وينظف المرحاض أجد قطرات من الماء على حواف المرحاض فما حكمها طاهرة أم نجسة؟ وما العمل هنا فكل مرة نقوم بهذا العمل ستحصل نفس القصة؟
الأسئلة مفصلة وبالتأكيد هناك معلومات في الكتب وفتاوى أخرى لكن المشكلة أنني لا أستطيع تطبيقها في حياتنا الحديثة حيث ليس هناك تفصيلات حول استعمال الحمامات الحديثة في هذا الشأن، أفيدوني رجاءً
الرجاء الإجابة بأسلوب مبسط وسهل وشكراً جزيلاً لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنحب أولا أن نصدر هذا الجواب ببيان قاعدة مهمة وهي أن الشرع سد على الناس باب الوساوس ونهاهم عن تتبعها، وأن الأصل هو البناء على اليقين، فما لم يعلم أن النجاسة قد أصابت موضعا معينا من بدن أو ثوب فالأصل هو بقاء طهارته، وهذا كلام نافع للشيخ العثيمين رحمه الله في بيان ما ذكرناه.

يقول عليه الرحمة: إن هذه الشريعة ولله الحمد كاملة من جميع الوجوه وملائمة لفطرة الإنسان التي فطر الله الخلق عليها، حيث إنها جاءت باليسر والسهولة بل جاءت بإبعاد الإنسان عن المتاهات في الوساوس والتخييلات التي لا أصل لها، وبناء على هذا فإن الإنسان بملابسه، الأصل أن يكون طاهراً فلا يتيقن ورود النجاسة على بدنه أو ثيابه ، وهذا الأصل يشهد له قول النبي صلى الله عليه وسلم حين شكى إليه رجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في صلاته - يعني الحدث - فقال صلى الله عليه وسلم: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً. فالأصل بقاء ما كان على ما كان.

فثيابهم التي دخلوا بها الحمامات التي يقضون بها الحاجة كما ذكره السائل إذا تلوثت بماء فمن الذي يقول إن هذه الرطوبة هي رطوبة النجاسة من بول أو ماء متغير بغائط أو نحو ذلك؟ وإذا كنا لا نجزم بهذا الأمر فإن الأصل الطهارة، صحيح أنه قد يغلب على الظن أنها تلوثت بشيء نجس، ولكن ما دمنا لم نتيقن فإن الأصل بقاء الطهارة. انتهى.

وبه يتبين لك أن ارتداد الماء المتنجس وإصابته شيئا من بدن المستنجي إذا كان أمرا غير متيقن بل هو مشكوك فيه فالأصل عدم حصوله، فإذا تيقن المستنجي يقينا جازما أن شيئا من هذا الماء أصاب من بدنه موضعا معينا لزمه تطهير هذا الموضع، وانظر الفتوى رقم: 138753، وفيها بيان حكم تناثر الماء على المرحاض بعد جذب طارد المياه، وفي هذا بيان جواب الشق الرابع والخامس من مسائلك.

وأما فيما يتعلق بالاستجمار بالمناديل فإن ضابط الإنقاء بالحجارة وما في معناها كالمناديل أن ينقي المحل بحيث لا يبقى إلا الأثر الذي لا يزول إلا بالماء، وما بقي بعد ذلك مما لا يزول إلا بالماء فإنه معفو عنه، وانظر الفتويين: 121390، 131364. فإذا استجمر المسلم على الوجه المأمور به شرعا لم يضره بقاء هذا الأثر اليسير على المحل، وأما ما يسقط على الأرض من تلك الذرات فإنه لا يلزم تطهيرها منه إلا إذا أريدت الصلاة عليها، وهذا إذا تيقن أنه أصابها شيء من النجاسة وأما مع الشك فالأصل بقاء الطهارة كما مر.

وأما الصراصير فقد استوفينا الكلام في حكمها من حيث النجاسة وعدمها في الفتوى رقم: 136313. والقائلون بنجاسة صراصير الكنف لا يوجبون تتبعها وقتلها وإنما الواجب إذا وقع شيء منها على بدن المصلي أو ثوبه أن يبادر بإزالته كما هو مبين في الفتوى المحال عليها، وأما ما يكون على أرجل الذباب من النجاسات اليسيرة التي لا يدركه الطرف فهو معفو عنه لمشقة الاحتراز.

قال الشيرازي في المهذب: وإن كان قدرا لا يدركه الطرف ففيه ثلاث طرق: أحدها أنه يعفى عنه لأنه لا يدرك بالطرف فعفي عنه كغبار السرجين. انتهى.

قال النووي: وأصح الطرق أنه يعفى عنه. وقال في بيان ما لا يدركه الطرف: قوله لا يدركها الطرف معناه لا تشاهد بالعين لقلتها بحيث لو كانت مخالفة للون ثوب ونحوه ووقعت عليه لم تر لقلتها وذلك كذبابة تقع على نجاسة ثم تقع في الماء. انتهى.

ولبيان ما يعفى عنه من النجاسات انظر الفتوى رقم: 134899.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني