الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاسترسال مع الوساوس يوقع المرء في العنت

السؤال

أنا طالب في كلية الطب وبفضل الله حفظت القرآن كاملا، ولكنني ابتليت بالوسواس القهري في غض البصر، إذ أنني منذ الصغر لم أنظر إلى امرأة أجنبية فأصبح عندي خوف عندما كبرت من أن أنظر إلى أي امرأة وأنا والله الآن لا أنظر أيضا، ولكن هناك دافعا داخليا يقول لي انظر وأحيانا حركات اندفاعية وأغض بصري مباشرة ويأتي تـأنيب الضمير ويقول لي أنت أذنبت وأظل أحاسب نفسي بالساعات، بل بالأيام وأشعر بصداع وضيق في النفس وعدم الرغبة في أي شيء سواء كان عبادة، أو طعاما، أو رياضة، جاهدت نفسي وقلت يجب أن لا أفكر لأنني أعرف أن هذا من العلاج السلوكي وبدأت أتحسن، وفجأة، جاءتني الوساوس في الموسيقى تقول أنت الآن تفتح هذا البرنامج لتسمع الموسيقى في حين أنني لو سمعتها لأغلقت الصوت مباشرة فلاحظت أن الوساوس تأتيني قبل الفعل نفسه وأشعر أنني أريد أن أفعل هذا العمل في حين أنني لو وقع الحدث لا أفعل المعصية أنا أخاف كثيرا من الوقوع في المعصية، وآخر موقف حدث لي بعد امتحان النساء فأنتم تعرفون أنني مضطر إلى أن أنظر إلى صور تعرض أمراضا في فروج النساء، وكنت أقف في المطبخ فنظرت إلى الأرض فإذا ببقعة على الأرض تذكرني بالفرج فشعرت بأنني أندفع لأنظر، أو أنني نظرت ثم صرفت بصري وأنا أشعر بالذنب وأنا أعرف أنها بقعة على الأرض ولا تعد أي شيء، ولكنني شعرت بالذنب، فهل علي إثم في ذلك الموقف أم لا؟ أرجو الرد على هذا السؤال منفصلا، لأنه الآن يمثل لي وسواسا جديدا، وهل علي إثم بصفة عامة فيما قصصته عليكم؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فزادك الله حرصا على الخير ورغبة فيه، ولكننا نحذرك ـ أيها الأخ الفاضل ـ من الاسترسال مع الوساوس فإنها تحول حياة العبد إلى جحيم، وهذه الوساوس من حبائل الشيطان فاحذر أن تكون ممن يصيده الشيطان بهذا الفخ، فأعرض عن هذه الوساوس جملة وتفصيلا ولا تلتفت إلى شيء منها، واعلم أن الله تعالى رحيم بعباده لطيف بهم، ومن رحمته تعالى أنه تجاوز لهم عما حدثتهم به أنفسهم ما لم يعملوا، أو يتكلموا، فلو فرض أن نفسك حدثتك بالنظر إلى ما حرم الله، أو بسماع ما حرم الله لم تكن آثما بذلك، بل تركك له ابتغاء مرضات الله مما تثاب عليه، فكيف إذا كان الأمر لا يعدو أن يكون وسوسة وتلبيسا من الشيطان، وقد عفا الله لعباده عن نظر الفجأة فإذا وقع البصر على امرأة ثم بادر العبد بصرف بصره كان قد فعل ما وجب عليه ولا يؤاخذ بتلك النظرة، وأما نظرك إلى تلك البقعة وتأثمك بذلك فمن الوساوس القبيحة التي لا يليق بعاقل أن يفتح على نفسه بابها، فارفق بنفسك ـ أيها الأخ الكريم ـ ولا تعنتها وتهلكها بالسير بها في طرق الوسوسة فإنك إن كنت تريد مرضات ربك تعالى فإنها إنما تنال بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه، لا بهذه الوساوس التي تفسد على العبد دينه ودنياه، نسأل الله أن يعافيك وسائر المبتلين بهذا الداء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني