الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متى يجزئ التصدق بالمال المغصوب

السؤال

كنت أعمل في مكتبتين وأخذت من وراء أصحابهما مالا عملت في إحداهما سنة والأخرى شهرا فقط، والمكتبة التي عملت فيها سنة كانت إحدى الزبائن تأخذ مني مشتريات وتدفع بعد ذلك في وقت لاحق ولم أخبر صاحب المكتبة عن هذا، لأنهم سوف يسددون رغم أنه كان يعطي بعض الزبائن بالأجل وعندما تركت المكتبة لم أتمكن من أخذ المال من الزبائن وخفت من أن أقول لصاحب المكتبة عن هذا المال وتزوجت وبعدها أحسست بالذنب كثيرا وتبت إلى الله وعاهدت الله أنني لن أقترب من المال الحرام مرة أخرى وأرسلت مبلغا صغيرا جدا عن طريق الصدقة على ذمة صاحب المكتبة وبعدها ذهبت إلى صاحب المكتبة وأعطيته مبلغا أقل بكثير من الذي علي له ولم أقل له أنني أخذته من ورائه وقلت له سامحني لو لك عندي فلوس أخرى سامحني لو لك أي حاجة أو أي فلوس عندي فقال لي أن مسامح مسامح، أما صاحب المكتبة الثاني فقمت بسداد المبلغ عن طريق الصدقة، لأنه بعيد عني جدا رغم أنني لم أعرف كم أخذت منه، فهل الله تقبل التوبة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يوفقك إلى ما يحب ويرضى، ثم اعلمي ـ أختنا الكريمة ـ أن التوبة من السرقة لا بد فيها من رد الحقوق لأصحابها، أو استحلالهم منها بطلب العفو، وأما التصدق بها عنهم فلا يصح ما دام إيصالها إليهم ممكنا، فإن عدموا، أو فقدوا أو تعسر الوصول إليهم فحينئذ نلجأ إلى التصدق بها عنهم، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 3519، 3051، 23322.

وبذلك تعرف السائلة أن ذمتها قد برئت من حق صاحب المكتبة الأولى لمسامحته إياها، بشرط أن لا تكون كتمت قدر المبلغ خوفا من أنها إذا أعلمته لم يسامحها، وراجعي تفصيلا أكثر في الفتوى رقم: 111664.

وأما صاحب المكتبة الثانية: فلا تجزئ الصدقة عنه بحقه إلا إذا لم يمكن إيصاله إليه بأي وسيلة، ولو حوالة بريدية ونحوها من الوسائل التي لا تحتاج إلى سفر وانتقال، ومما يبرئ ذمتها أن تحاول الاتصال به وطلب مسامحته كما فعلت مع الأول.

وأما مسألة عدم معرفة مقدار الحق على وجه الدقة: فعلاجها أن تجتهد في التقدير وتؤدي ما يغلب به على ظنها أن يبرئ ذمتها وتحتاط في ذلك.

وننبه السائلة إلى أنها إن كانت باعت بالدين بدون إذن من صاحب المكتبة فإنها ضامنة للمال لتعديها وتجاوزها حدود ما وكلت فيه فيلزمها سداد الدين ولها أن ترجع به على المدين، وإذا أخبرت صاحب المكتبة بالأمر فعفا عنها وتولى أمر متابعة المدين فقد برئت ذمتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني