الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلاة خلف من يعتقد أن شيخه يعلم ما يخطر بباله

السؤال

هل أصلّي وراء إمام عنده اعتقاد في شيخه في الطريقة أنه إذا جلس في حضرته يعلم ما يخطر في باله في ذاك الحين؟ الرجاء شيوخنا الأجلاء أن تجيبوني وتوضحوا لي ما أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعتقاد أن غير الله تعالى يعلم الغيب كفر ناقل عن الملة والعياذ بالله، وهو مناقضة لصريح القرآن، قال تعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ.. {65}، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة، فإن كان هذا الرجل يعتقد أن شيخه يعلم الغيب فهذه ردة والعياذ بالله، ولكن لا يحكم على معين بالكفر حتى تقام عليه الحجة، فمن أقيمت عليه الحجة فأصر لا تجوز الصلاة خلفه حتى يتوب إلى الله تعالى.

وأما إن كان لا يعتقد أن شيخه يعلم الغيب، وإنما يعتقد أن له فراسة قوية يعلم بها ما يدور في النفس أو نحو ذلك فهذا لا يكون كفراً، وقد يكون مخطئا في هذا الاعتقاد لكنه لا يصل إلى حد الكفر المخرج عن الملة، ومن ثم فالصلاة خلفه لا حرج فيها.

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد: والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وقيل هو الذي يخبر عما في الضمير.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وقيل: الذي يخبر عما في الضمير وهو نوع من الكهانة في الواقع، إذا لم يستند إلى فراسة ثاقبة، أما إذا كان يخبر عما في الضمير استناداً إلى فراسة فإنه ليس من الكهانة في شيء، لأن بعض الناس قد يفهم ما في الإنسان اعتماداً على أسارير وجهه ولمحاته، وإن كان لا يعلمه على وجه التفصيل لكن يعلمه على سبيل الإجمال.

فمن يخبر عما وقع في الأرض ليس من الكهان، ولكن ينظر في حاله فإذا كان غير موثوق في دينه، فإننا لا نصدقه، لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا... وإن كان موثوقاً في دينه ونعلم أنه لا يتوصل إلى ذلك بمحرم من شرك أو غيره فإننا لا ندخله في الكهان الذين يحرم الرجوع إلى قولهم. انتهى.

وبه يتبين لك أن اعتقاد أن شخصاً ما يمكن أن يخبر بما في الضمير لا يعد بمجرده كفراً إلا أن يعتقد أن هذا الشخص يعلم الغيب فحكمه ما مر، وعليه يتفرع حكم الصلاة خلف هذا الشخص.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني