الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف توزع أجرة السمسرة إذا تعدد السماسرة

السؤال

عرض علي شخص عقارا للبيع بمبلغ كبير ( عبارة عن فندق ) وقال لي نحن أربعة أشخاص سعاة في هذا الموضوع وأنت خامسنا، قمت أنا بالبحث عن مشتر وبحمدالله وفقت للوصول لمشتر وبالتأكيد المشتري معه ساع.
سؤالي الآن: مبلغ السعي حسب العرف عندنا 2.5% من قيمة البيع وهو مبلغ كبير جدا، ونحن أصبحنا 6 أشخاص الآن.
هل من حق السعاة الأربعة الذين هم معي أخذ نسبة كاملة مثل حصتي أم لا؟ هم فقط أوصلوا المشتري للبائع ؟
وما حكم العمولة في هذه العملية من حيث إن المبلغ كبير جدا لكنه حسب المتعارف عندنا فهو مقبول؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالجعل الذي يحصل عليه السمسار يشترط أن يكون معلوما عند جمهور الفقهاء، ويجوز أن يكون نسبة من الربح عند الحنابلة، فإن كانت النسبة المذكورة من أصل مبلغ معلوم فهي معلومة ولا إشكال عندئذ، وإلا فهي مجهولة يجري في صحتها الخلاف المشار إليه آنفا، وراجع في ذلك الفتويين:66937 ، 51386 .

ولا إشكال في ارتفاع قيمة الجعل ما دام بالاتفاق والتراضي، خاصة إذا كان لا يخرج عن حدود عرف السوق.

وأما بخصوص السؤال عن بقية السعاة واستحقاقهم للربح، فلابد أن ننبه أولا على أن السمسار إن اقتصر دوره على إيصال المشتري للبائع دون أن يتولى العقد بنفسه كوكيل عن البائع أو المشتري، فلا إشكال في اشتراكه مع غيره من السماسرة، ويكون الربح بينهم على ما اشترطوا، فإن لم يشترطوا فالربح بينهم بالسوية. وأما إن كان السمسار هو الذي يتولى العقد بنفسه كوكيل عن البائع أو المشتري فاشتراكه مع غيره إن كان بإذن موكله فلا إشكال، وإلا فهو محل خلاف بين أهل العلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: محل الخلاف في شركة الدلالين التي فيها عقد، فأما مجرد النداء والعرض وإحضار الزبون فلا خلاف في جوازه. اهـ.

وقال في مجموع الفتاوى: إذا كان التاجر الذي يسلم ماله إلى الدلال قد علم أنه يسلمه إلى غيره من الدلالين ورضي بذلك لم يكن بذلك بأس بلا ريب ؛ فإن الدلال وكيل التاجر، والوكيل له أن يوكل غيره كالموكل باتفاق العلماء. وإنما تنازعوا في جواز توكيله بلا إذن الموكل على قولين مشهورين للعلماء. وعلى هذا تنازعوا في شركة الدلالين؛ لكونهم وكلاء، فبنوا ذلك على جواز توكيل الوكيل. وإذا كان هناك عرف معروف أن الدلال يسلم السلعة إلى من يأتمنه كان العرف المعروف كالشرط المشروط، ولهذا ذهب جمهور أئمة المسلمين كمالك وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم إلى جواز شركة الأبدان. اهـ.

ولا يخفى أن الصورة المذكورة في السؤال ليست من شركة العقد، وعلى ذلك فهي شركة صحيحة، وهي داخلة في شركة الأعمال، والشريك فيها يستحق حصته في الربح ولو لم يعمل.

قال ابن قدامة في المغني: إن عمل أحدهما دون صاحبه فالكسب بينهما. قال ابن عقيل: نص عليه أحمد في رواية إسحاق بن هانئ. وقد سئل عن الرجلين يشتركان في عمل الأبدان فيأتي أحدهما بشيء ولا يأتي الآخر بشيء؟ قال: نعم, هذا بمنزلة حديث سعد وابن مسعود. يعني حيث اشتركوا فجاء سعد بأسيرين وأخفق الآخران. اهـ. وراجع في ذلك الفتويين: 103367 ، 60711 .

وعلى هذا، فكل واحد من السعاة يستحق نسبته المتفق عليها من الربح، حتى وإن كان المشتري لم يأت به إلا واحد منهم دون أصحابه، وإن لم يكن بينهم اتفاق على قسمة معينة فالربح بينهم بالسوية، وراجع الفتوى رقم: 59378.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني