الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم كون الجعل نسبة مجهولة القدر

السؤال

أنا أعمل كمستشار توظيف مستقل مع شركة متخصصة بالتوظيف حيث يطلب مني توفير كفاءات قطرية بمؤهلات معينة، ومن خلال علاقاتي أحاول توفير الشخص المناسب مقابل نسبة من ربح الشركة من قيمة توفير الشخص، حيث إن شركة التوظيف هذه تتقاضى من الشركة الطالبة مبلغا معينا بحدود 15% من قيمة الراتب السنوي للشخص الذي تم اختياره.
والسؤال هو أنه تم مني طلب شخص بكفاءة معينة للعمل في شركة اتصالات، وعند ما أرسلت أوراق الشخص المرشح وتمت مقابلته، علمت لاحقا أنهم حولوا أوراقه إلى بنك ربوي وتمت مقابلته فيه ووافقوا عليه والله المستعان، فهل علي إثم وماذا علي أن أفعل، وهل آخذ نسبتي من الربح كما هو متفق بيني وبين شركة التوظيف بعد أن تقبض شركة التوظيف فاتورتها من البنك، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي اتضح لنا من السؤال هو أن العقد الكائن بينك وبين تلك الشركة هو عقد جعالة، والجعالة جائزة شرعاً؛ لقوله تعالى عن يوسف عليه السلام: وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ. {يوسف:72}.

قال الشيخ الرحيباني رحمه الله في مطالب أولي النهى: لو قال: استق لي من هذا البئر، ولك بكل دلو تمرة، أو قال: ارم هذا السهم فإن أصبت به فلك درهم، صح ولزمه، لأنه جعالة لأنه بذل مالاً في فعل له فيه غرض صحيح.

لكن جمهور أهل العلم على أنه لا بد من معلومية الجعل فيها، وقد ذكرت أن العمولة التي تدفع إليك هي نسبة، وهذه النسبة إن كانت معلومة فلا حرج فيها كأن يكون الاتفاق على إحضار من يصلح لوظيفة كذا وراتبها كذا ولك منه نسبة كذا فهذا جائز لكونه جعلاً معلوماً.

جاء في الموسوعة الفقهية: قال المالكية والشافعية والحنابلة: يشترط لصحة عقد الجعالة أن يكون الجعل مالا معلوماً جنساً وقدراً. انتهى.

وأما لو كان الراتب مجهولاً بحيث لا تتم معرفته إلا بعد مقابلة الشخص وتعيينه فهي جعالة فاسدة على القول الأول، وحينئذ يكون للمجاعل أجرة المثل، وفي قول يصح كون العوض في الجعالة مجهولاً جهالة لا تمنع التسليم.

قال ابن قدامة في المغني: ولا بد أن يكون العوض معلوماً، ويحتمل أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض إذا كانت الجهالة لاتمنع التسليم، نحو أن يقول: من رد ضالتي فله ثلثها. انتهى.

وعلى هذا الاحتمال الذي ذكره ابن قدامة فإنه يصح أن يكون الجعل نسبة من الراتب الذي سيحصل، لأن هذه الجهالة لا تمنع التسليم، لأن الجعل يصير معلوماً عند تعيين الموظف وقبوله.

وأما كون الشركة حولت الموظف الذي جلبته إلى بنك ربوي فهذا لا إثم عليك فيه ولا يمنعك من الانتفاع بالجعل الذي تستحقه ولو أخذته الشركة من البنك الربوي لأن ماله مختلط، ومعاملة مختلط المال جائزة على الراجح، كما بينا في الفتوى رقم: 6880، والفتوى رقم: 17296.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني