الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة وابنين وبنتين وابن مفقود وشقيقين وأحفاد

السؤال

الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: أم، وهي حامل، وابنان، وبنتان، وابنا ابن، وابنا ابن ابن، وبنتا ابن، وأخوان شقيقان.
والمفقود ابن وسبب الفقد الحرب منذ 20 سنة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن المفقود فيما غالبه الهلاك كالمفقود في الحرب ينتظر به أربع سنين ثم يحكم بموته, وهذا مذهب الحنابلة وطائفة من الفقهاء, والقول الآخر أنه يرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم، وهذا قول الجمهور وهو الصحيح من مذهب الشافعي والمشهور عن مالك وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن أحمد وهو المفتى به عندنا, فيعتبر حيا قبل حكم القاضي بموته, فإن حكم القاضي بموته قبل موت مورثه ـ أبيه ـ لم يرث وإن حكم بموته بعد موت مورثه ورث وينتقل نصيبه إلى من كان حيا من ورثته عند حكم الحاكم بموته لا عند فقده, وعلى هذا فإن الابن المفقود المشار إليه إذا لم يُعلم موته ولم يحكم القاضي بموته قبل موت أبيه فإنه يعتبر حيا ويكون له نصيب في الإرث, وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لأمه السدس ـ فرضا ـ لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ { النساء: 11}.

والباقي لأبنائه وبناته ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ { النساء: 11 }.

ولا شيء لبنات الابن وأبناء الابن وأبنائهم ولا للشقيقين والحمل الشقيق، لأنهم جميعا محجوبون حجب حرمان بالابن المباشر للميت, فإن كان الابن المفقود واحدا من الاثنين المذكورين في السؤال قسمت التركة على ستة وثلاثين سهما, للأم سدسها ـ ستة أسهم ـ ولكل ابن عشرة أسهم, ولكل بنت خمسة أسهم, وإن كان المفقود ابنا ثالثا قسمت التركة على ثمانية وأربعين سهما, للأم سدسها ـ ثمانية أسهم ـ ولكل ابن عشرة أسهم، ولكل بنت خمسة أسهم.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني