الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب الغسل من الجماع مع لبس الواقي الذكري

السؤال

أرجو منكم إجابتي على سؤالي بأسرع وقت بارك الله فيكم.
امرأة يجبرها زوجها أثناء الجماع بأن يلامس دبرها بإصبعه. وحجته بذلك أن هذا الشيء غير محرم، وأن زوجته ذات شهوة ضعيفة، وأنه بذلك يثيرها. هل صحيح أن ذلك غير محرم؟ وهل يجوز للزوج أن يلامس حلقة الدبر بعضوه من غير إيلاج؟
ملاحظة: اللمس يكون بالإصبع مباشرة. وأحيانا يكون من فوق منديل.
وسؤال آخر: لماذا تستحم الزوجة إذا أدخل الزوج عضوه، وقد وضع عليه الواقي الذكري. والزوجة لم تصل للذة، ولم يكن عندها شهوة أصلا؟ وهل يعني وجوب اغتسالها في مثل هذه الحالة وجوبه أيضا إذا ذهبت إلى الطبيبة وأجرت لها فحصا مهبليا. مع العلم أن الطبيبة تضع على جهاز الفحص واقي شبيه بالواقي الذكري؟
بمعنى آخر ما الفرق بين الصورتين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمحرم هو إيلاج الذكر في الدبر، وأما الاستمتاع بالدبر بما عدا ذلك فجائز كما ذكر الفقهاء، قال في تحفة الحبيب: قوله ( والتلذذ بالدبر بلا إيلاج جائز ) شامل لمسه بذكره بلا إيلاج. انتهى. وإن كان الأولى توقي ذلك خوفا من الوقوع في المحظور.

وأما وجوب الغسل في الجماع مع وجود حائل فمحل خلاف بين العلماء، قال في الإنصاف: فإن وجد حائل مثل أن لف عليه خرقة أو أدخله في كيس لم يجب الغسل على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع، وقيل: يجب أيضا، وهو ظاهر كلام المصنف –يعني ابن قدامة-. انتهى.

وبين النووي خلاف الشافعية في المسألة فقال رحمه الله: ولو لف على ذكره خرقة وأولجه بحيث غابت الحشفة ولم ينزل ففيه ثلاثة أوجه حكاها الماوردي والشاشي في كتابيه ، والروياني وصاحب البيان وغيرهم الصحيح : وجوب الغسل عليهما وبه قطع الجمهور؛ لأن الأحكام متعلقة بالإيلاج وقد حصل. والثاني: لا يجب الغسل ولا الوضوء لأنه أولج في خرقة ولم يلمس بشرة ، وصححه الروياني ، قال : وهو اختيار الحناطي. والثالث: إن كانت الخرقة غليظة تمنع اللذة لم يجب، وإن كانت رقيقة لا تمنعها وجب ، وهذا قول أبي الفياض البصري والقاضي حسين. وقال الرافعي في هذا الثالث : الغليظة هي التي تمنع وصول بلل الفرج إلى الذكر، ووصول الحرارة من أحدهما إلى الآخر، والرقيقة ما لا تمنع. انتهى.

وهذا الخلاف عند الحنفية كذلك، قال ابن نجيم في البحر الرائق: ولو لف على ذكره خرقة وأولج ولم ينزل قال بعضهم يجب الغسل لأنه يسمى مولجا، وقال بعضهم لا يجب، والأصح إن كانت الخرقة رقيقة بحيث يجد حرارة الفرج واللذة وجب الغسل، وإلا فلا، والأحوط وجوب الغسل في الوجهين. انتهى.

واختلف المالكية في هذه المسألة أيضا، والمعتمد وجوب الغسل إن كان الحائل رقيقا، قال في مواهب الجليل: وظاهر كلامه أيضا أن مغيب الحشفة موجب للغسل ولو كانت ملفوفة وهو كذلك.

قال ابن ناجي: ومعناه إذا كان اللف رقيقا، وأما الكثيف فلا، ونص عليه ابن العربي وكان بعض من لقيناه يخرج فيه قولا بوجوب الغسل مطلقا من أحد القولين في لمس النساء من فوق حائل كثيف. انتهى.

وإذا علمت ما مر فالراجح إن شاء الله هو وجوب الغسل على من جامع بحائل مطلقا وهو الصحيح عند الشافعية ووجه عند الحنابلة والحنفية والمالكية كما مر، وذلك لأنه يسمى وطاً لغة وحسا، ولكونه أحوط وأبرأ للذمة، وفارق المثال المذكور في السؤال من جهة أن ذاك لا يسمى وطاً.

والقول بوجوب الغسل إن كان الحائل رقيقا والذي ذهب إليه كثير من العلماء يقتضي كذلك وجوب الغسل من الجماع باستخدام الواقي المذكور.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني