الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقتصر في اختيار الزوجة على دينها دون خلقها

السؤال

إذا كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الشريف: إن أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبيرـ وقال أيضا عن اختيار الزوجة الصالحة: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ـ فلماذا الرسول الكريم لم يربط دين المرأة بأخلاقها، مع العلم أن الدين وحده لا يفي بإيصال المرأة أن تكون صالحة؟ فالإسلام ضرب لنا الكثير من الأمثلة كالتي كانت تؤذي جيرانها فدخلت النار والتي كانت تتجسس على جيرانها فدخلت النار، ومن حكم معاشرتي لكثير من الفتيات في الدراسة، أو في العمل فالكثيرات محجبات ومتمسكات بتعاليم الدين ولكن الجوهر فحدث ولا حرج عن الأخلاق التي تنفر الراغبين بالزواج من إحداهن، فحدث ولا حرج عن المعاملة السيئة واللسان السليط والتجريح المتعمد المباشر وغير المباشر والكثير من التفنن في اللامبالاة بشعور الآخرين والشعور فقط بأنها سادتي ليست شريحة صغيرة، بل الكثير منهن ورأيي يؤيده الكثيرون، ومن الناحية الأخرى الكثيرات غير محجبات، ولكن تجد فيهن الصلاح ولا ينقصهن غير القليل من الهداية ليستقمن، ومن السهل مشايخنا الكرام أن تقنع إحداهن بالحجاب، أو أن تهديها إلي ملابس محتشمة، أو ما شابه ذلك ببعض الكلمات الطيبات العامرة بهن صفحات القرآن الكريم وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرة السلف الصالح ولكن من الصعب وربما من المستحيل أن تعدل خلقا، أو عادة جبل عليه الإنسان منذ صغره، فهذا من طبع الإنسان ولدي الكثير من الأمثلة مرت علي في حياتي، أرجو التوضيح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبهك أولا إلى أن الدين يشتمل على الخلق، وإنما يعطف الخلق على الدين تأكيدا عليه، فلا يقال إن المرأة التي تؤذي جيرانها بلسانها لا توصف بنقص الدين لكونها كثيرة الصلاة والصيام، بل الصواب أن ذلك نقص في الدين، فإن إيذاء الجار محرم شرعاً، وعلى ذلك فوصف الإنسان بالتدين ليس مقصوراً على باب معين من العبادات، أو المعاملات، وإنما هو مجموع صفات وأخلاق، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان. متفق عليه.

ثم اعلم أنه قد وردت أحاديث ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فيها الحث على التزوج بذات الدين والخلق، فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة على إحدى خصال ثلاثة: تنكح المرأة على مالها، وتنكح المرأة على جمالها، وتنكح المرأة على دينها، فخذ ذات الدين والخلق تربت يمينك. قال شعيب الأرنؤوط: إسناد حسن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني