الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم المأموم إذا قام بعد سلام الإمام ثم تبين أن الإمام نقص ركعة

السؤال

ما حكم صلاة المسبوق في هذه الحالة من حيث الصحة والبطلان وماذا يجب عليه:دخل رجل المسجد فأدرك التشهد الأخير أو في الركعة الأخيرة مع الجماعة، وبعد سلام الإمام قضى ما فاته فلما فرغ الإمام ومن معه من أذكار الصلاة تبين أن صلاتهم نقصت ركعة، فأعادوا صلاتهم من أولها ، فما حكم صلاة المسبوق في هذه الحالة؟وما الحكم لو وقف المأموم ليقضي ما فاته بعد سلام الإمام، ثم علم الإمام بنقصان ركعة من صلاته، فوقف للإتيان بها فهل يتابع المسبوق هنا الإمام مرة أخرى؟ أم يأتي بما سبقه منفصلا عن الإمام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب على المسبوق إذا قام لإتمام صلاته ثم تبين له أن الإمام قد بقي عليه شيء من الصلاة أن يعود لمتابعة الإمام فيما بقي من صلاته، ولا يعتد بما أتى به في هذه الحال، وليس عليه سجود سهو لبقاء حكم القدوة، وإنما يسجد للسهو تبعا لإمامه إن سجد قبل السلام، فإن سجد الإمام لسهوه بعد السلام لم يتابعه على الراجح وسجد للسهو بعد سلامه هو من الصلاة، فإن لم يفعل ومضى في صلاته بطلت صلاته ووجب عليه إعادتها، سواء قيل بجواز مفارقة الإمام أو لا لأن قيامه وما بعده غير معتد به. قال في مغني المحتاج: فإن ظنه المسبوق بركعة مثلا سلم فقام وأتى بركعة قبل سلامه لم تحسب لفعلها في غير موضعها فإذا سلم إمامه أعادها ولم يسجد للسهو لبقاء حكم القدوة. ولو علم في القيام أنه قام قبل سلام إمامه لزمه أن يجلس ولو جوزنا مفارقة الإمام لأن قيامه غير معتد به. انتهى.

وقال في بدائع الصنائع: وَالْجُمْلَةُ في الْمَسْبُوقِ إذَا قام إلَى قَضَاءِ ما عليه فَقَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَخْلُو ما قام إلَيْهِ وَقَضَاهُ أما أَنْ يَكُونَ قبل أَنْ يَقْعُدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أو بعد ما قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَإِنْ كان ما قام إلَيْهِ وَقَضَاهُ قبل أَنْ يَقْعُدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لم يُجْزِهِ لِأَنَّ الْإِمَامَ ما بَقِيَ عليه فَرْضٌ لم يَنْفَرِدْ الْمَسْبُوقُ بِهِ عنه لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مُتَابَعَتَهُ فِيمَا بَقِيَ عليه من الصَّلَاةِ وهو قد بَقِيَ عليه فَرْضٌ وهو الْقَعْدَةُ فلم يَنْفَرِدْ فَبَقِيَ مُقْتَدِيًا. انتهى.

وإنما قيد بالجلوس قدر التشهد لما هو معلوم من أن السلام ليس ركنا عند الحنفية. وسئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله: إذا سلم الإمام عن نقص ركعة ثم قام المسبوق ليقضي ما فاته ثم نبه الإمام فقام ليأتي بالركعة فهل يدخل معه هذا المسبوق أو لا ؟

... فأجاب الشيخ بقوله : نعم ، يرجع حتى ولو كان قد استتم قائماً ويصلي معه ، ثم بعد سلام الإمام يقضي ما فاته ، وإنما قلنا إنه يرجع لأنه تبين أن الإمام لم يفرغ من صلاته. انتهى.

وهذا كله فيما إذا فعل الإمام ما يجب عليه وعاد لإكمال صلاته، وأما إذا قطع الإمام صلاته واستأنف صلاة جديدة، فقد أخطأ بذلك لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33}.

وأما هذا المسبوق فمن يقول من العلماء إن صلاة الإمام إذا فسدت فسدت صلاة المأموم فلا إشكال عنده في بطلان صلاة المأموم في هذه الحال ولزوم استئنافها، وأما من يقول إن بطلان صلاة الإمام لا يترتب عليه بطلان صلاة المأموم، فالذي يظهر أن الواجب على قوله أن ينوي المأموم المفارقة ويتم صلاته لنفسه، قال النووي رحمه الله: فأما إذا بطلت صلاة الإمام بحدث ونحوه أو قام إلى خامسة أو أتى بمناف غير ذلك فإنه يفارقه ولا يضر المأموم هذه المفارقة بلا خلاف – أي عند الشافعية-. انتهى.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني