الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توضيح حول غرامة التأخير وإلزام المقترض بالتصدق عند التأخر في السداد

السؤال

أنا صاحب السؤال الذي أجيب عنه بالفتوى رقم: 134564، والمتعلق بالشرط الجزائي بسبب التأخر في السداد, حيث إن لدي بعض الإشكالات التي ألتمس لها توضيحاً لديكم وهي كالتالي:
المسألة الأولى فيما يتعلق بإلزام المقترض بالتصدق فقد أجاز المالكية أن تكون العقوبة بالمال, علماً أن المال الذي يؤخذ منه لا يدخل في حساب الجهة المقرضة, بل يذهب لجمعية خيرية, وإنما ألزم بالتصدق لدفع الضرر عن صاحب المال، إذْ أنه لو لم يلزم بعقوبة لترتب على ذلك أضرار كثيرة لرب المال, ويكاد يصعب جداً رفع كل قضية تأخير من مماطل إلى القضاء بسبب الإجراءات الكثيرة وبسبب التأخير، حيث إن القضية الواحدة قد تأخذ سنوات مما يترتب على رب المال بالضرر الكبير فوق ضرر عدم استلامه لماله في الموعد المحدد، إذاً فالمال المأخوذ كعقوبة تأخير لا يدخل في حساب المقرض.
المسألة الثانية في ما إذا كان هناك بند في عقد المرابحة ينص على غرامة التأخير، ولكنه في الواقع غير مطبق ـ لا يعمل به ـ فهل هذا يصرف الحرمة عن المعاملة المالية لعدم التطبيق للشرط الجزائي ـ في حالة كونه محرما؟ أرجو التكرم بالاهتمام بهاتين المسألتين، لأنهما من المسائل الهامة جدا التي يكثر حولها النقاش وتتوقف عليها أمور كثيرة، وفي حالة عدم الجواز بإطلاق هل يستثنى من ذلك من كان مضطراً؟ وما ضابط الاضطرار؟ وجزاكم الله خيراً على تكرمكم بالرد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن نبهنا في الفتوى المشار إليها في السؤال على أن البنوك الإسلامية عليها أن تبحث عن وسائل مشروعة تحفظ بها حقوقها وأموال المساهمين فيها من المماطلة بغير حق، ويمكن أن يعتمد ذلك على أبواب الكفالة والضمان والرهن ونحو ذلك، وأما مسألة التعزير بالمال عند المالكية فلا يشرع ذلك عند المماطلة في سداد الدين، لأنه تعزير بالمال لا في المال، والجائز عندهم التعزير في المال كالمغشوش ونحوه، جاء عن مالك ـ رحمه الله ـ أنه قال في الزعفران المغشوش: إذا وجد بيد الذي غشه إنه يتصدق به على المساكين قل، أو كثر، وذهب ابن القاسم ومطرف وابن الماجشون إلى أنه يتصدق بما قل منه دون ما كثر، وذلك محكى عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وأنه أراق اللبن المغشوش بالماء، ووجه ذلك التأديب للغاش، وهذا التأديب لا نص يشهد له، لكن من باب الحكم على الخاصة لأجل العامة. وقد بين ذلك الشاطبي في الاعتصام.

وقال الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير: وأما التعزير بأخذ المال فلا يجوز إجماعا. اهـ.

وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: قال الونشريسي: أما العقوبة بالمال فقد نص العلماء على أنها لا تجوز، وفتوى البرزلي بتحليل المغرم لم يزل الشيوخ يعدونها من الخطأ. اهـ.

وراجع لمزيد الفائدة عن ذلك الفتويين رقم: 34484، ورقم: 97393.

وأما كون المستفيد من هذه الغرامة طرف آخر غير المقرض ـ البنك ـ فلا يتغير معه حكم الحرمة، وكذا مسألة عدم تطبيق شرط غرامة التأخير عمليا، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتويين رقم: 130981، ورقم: 138788.

وأما حد الضرورة المبيحة للمعاملات المحظورة كالربا، فقد سبق لنا بيانه في الفتويين رقم: 1420، ورقم: 6501.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني