الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء فيمن صلى إلى غير جهة القبلة ناسيا

السؤال

أشرتم في فتاوى عديدة إلى اختلاف المذاهب فيمن صلى إلى غير القبلة جاهلاً بجهتها الحقيقية. وذلك على اعتبار أنه جديد في المكان ولم يعرف الوجهة الصحيحة، ولكن ما الحكم فيمن يعرف جهة القبلة ولكنه صلى إلى غيرها سهوا، وبعد الصلاة تذكر أنه لم يصل للجهة الصحيحة. فهل عليه إعادة أم يشمله نفس الحكم في الفتاوى المذكورة -سواء كان تذكره بعد خروج الوقت أو قبل خروجه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد

فمن صلى إلى غير جهة القبلة ناسيا فإن الإعادة تلزمه عند الشافعية والحنابلة، سواء ذكر في الوقت أو بعده. جاء في الموسوعة الفقهية: وذكر الشافعية أنه لا يسقط استقبالها بجهل ولا غفلة ولا إكراه ولا نسيان، فلو استدبر ناسيا لم يضر لو عاد عن قرب، ويسن عند ذلك أن يسجد للسهو لأن تعمد الاستدبار مبطل.... وأطلق الحنابلة القول بأن من مبطلات الصلاة استدبار القبلة حيث شرط استقبالها . كما نصوا في باب شروط الصلاة على أن هذه الشروط لا تسقط عمدا أو سهوا أو جهلا . انتهى.

وعلى البطلان ولزوم الإعادة أبدا نص فقيه الظاهرية أبو محمد ابن حزم رحمه الله فقال في المحلى: فمن صلى إلى غير القبلة ممن يقدر على معرفة جهتها عامدا أو ناسيا بطلت صلاته، ويعيد ما كان في الوقت، إن كان عامدا، ويعيد أبدا إن كان ناسيا. انتهى.

وإنما فرق بين العامد والناسي لأن مذهبه رحمه الله أن من ترك الصلاة عمدا لم يشرع له قضاؤها بعد الوقت كما هو معلوم.

واختلف قول المالكية في لزوم الإعادة أبدا، أو في الوقت. قال في الفواكه الدواني: وَأَمَّا مَنْ نَسِيَ مَطْلُوبِيَّةَ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ نَسِيَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ أَوْ جَهِلَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مَعَ عِلْمِ كُلٍّ بِحُكْمِ الِاسْتِقْبَالِ فَقِيلَ يُعِيدُ صَلَاتَهُ أَبَدًا ، وَقِيلَ فِي الْوَقْتِ . قَالَ خَلِيلٌ : وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا خِلَافٌ، وَأَمَّا مَنْ جَهِلَ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ صَلَاتَهُ الْفَرْضَ أَبَدًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ . انتهى.

فإذا علمت ما مر فقول الجمهور أولى بالترجيح في هذه المسألة إن شاء الله، لأن الأصل أن انتفاء الشرط يلزم منه انتفاء المشروط، وإنما يعذر الناسي في رفع الإثم عنه، وأما الصلاة التي اشتغلت بها ذمته فلا تسقط عنه حتى يأتي بها على وجهها الذي شرعه الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني