الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المشاركة في المسابقات وأخذ عوض عليها

السؤال

هل المسابقات التي تعرض علي قناة أم بي سي مثل أرسل كلمة كذا وادخل السحب على مبلغ مالي أو سيارة فيها أي حرمة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فالاشتراك في هذه المسابقة غير جائز، وذلك لأمرين: أولهما دخولها في حد الميسرالمحرم، إذا كانت تكلفة الرسائل فيها زيادة على التكلفة العادية، والميسر هو كل معاملة دائرة بين الغرم والغنم، ولا يدري المعامل فيها هل يكون غانما أو غارما، والغانم فيه يغنم في غير مقابل أو في مقابل ضئيل، وهنا يغرم المشترك ثمن رسالته على أمل أن يغنم الجائزة وقد لا يغنم، وهذا هو الميسر الذي حرمه الله بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (المائدة:90) .

وما يجنيه منظمو المسابقة من قيمة الرسائل الهاتفية يفوق ما يبذلونه من جوائز، فهي طرق ماكرة للربح المحرم، مع ما فيها غالبا من الدعاية والإشهار لما لا يجوز إشهاره والدعاية له.

والأمر الثاني للمنع من المشاركة في المسابقة المذكورة أنه لا نفع فيها للمسلم غير ما يرجوه من الغنم المادي إن حصل على الجائزة، والشارع قد حصر جواز المسابقة في أمور ثلاثة كما في قوله صلى الله عليه وسلم : لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر. أخرجه الخمسة، وألحق بعض أهل العلم بها ما كان مثلها في الفائدة والنفع.

قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه: الفروسية: المسألة الحادية عشرة: المسابقة على ‏حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة، والإصابة في المسائل، هل تجوز ‏بعوض؟ منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي، وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا، ‏وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي، وهو أولى من الشباك والصراع والسباحة، فمن جوز ‏المسابقة عليها بعوض فالمسابقة على العلم أولى بالجواز، وهي صورة مراهنة الصِديق لكفار ‏قريش على صحة ما أخبرهم به وثبوته، وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه، وأن ‏الصديق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار، وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد فإذا جازت المراهنة ‏على آلات الجهاد فهي في العلم أولى بالجواز وهذا القول هو الراجح. انتهى.
وقال في ‏موضع آخر من كتابه: وإذا كان الشارع قد أباح الرهان في الرمي والمسابقة بالخيل ‏والإبل، لما في ذلك من التحريض على تعلم الفروسية وإعداد القوة للجهاد فجواز ذلك في ‏المسابقة والمبادرة إلى العلم والحجة التي بها تفتح القلوب ويعز الإسلام وتظهر أعلامه أولى ‏وأحرى، وإلى هذا ذهب أصحاب أبي حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية.‏
والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني