الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في قسم يبيع فصوصا تستخدم في الحلال والحرام

السؤال

أعمل في شركة لتصنيع النجف والكريستال المستخدم في الإضاءة، وهناك فرصة لنقلي إلى وظيفة أفضل في نفس الشركة، ولكن في قسم الفصوص، وهي عبارة عن فصوص زجاجية يتم بيعها بالجمله للتجار، إلا أنها تستخدم في الحلال و الحرام؛ كالساعات والاجهزة الكهربية، وكذالك الإكسسوارات النسائية و فساتين الأفراح وغيرها. مع العلم أنه يتم تصدير الفصوص للعالم كله دول إسلامية وغير إسلامية. و طبيعة الوظيفة الجديدة هي تنظيم الإجراءات الداخلية ومتابعة نتائج البيع ومستوى التجار ومسحوباتهم. أفيدونا جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليك في العمل في الوظيفة المذكورة، ولا يحرم بيع ما ذكرته؛ لأنه غير خاص بالحرام، وهو كبيع العنب وزرعه، فقد يستعمل في عصر الخمر منه. ولم يلتفت الشارع إلى ذلك قال القرافي في الفروق (فَلَيْسَ كُلُّ ذَرِيعَةٍ يَجِبُ سَدُّهَا بَلْ الذَّرِيعَةُ كَمَا يَجِبُ سَدُّهَا يَجِبُ فَتْحُهَا وَتُكْرَهُ وَتُنْدَبُ وَتُبَاحُ . . . فَالذَّرَائِعُ الْمُفْضِيَةُ إلَى الْمُحَرَّمِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ .
( وَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ ) مَا أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى سَدِّهِ وَمَنْعِهِ وَحَسْمِهِ وَلَهُ مَثَلٌ مِنْهَا حَفْرُ الْآبَارِ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى إهْلَاكِهِمْ فِيهَا وَمِنْهَا إلْقَاءُ السُّمِّ فِي أَطْعِمَتِهِمْ، وَمِنْهَا سَبُّ الْأَصْنَامِ عِنْدَ مَنْ يُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَسُبُّ اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ سَبِّهَا .
( وَالْقِسْمُ الثَّانِي ) مَا أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى عَدَمِ مَنْعِهِ وَأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لَا تُسَدُّ وَوَسِيلَةٌ لَا تُحْسَمُ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ مِنْهَا زِرَاعَةُ الْعِنَبِ وَسِيلَةٌ إلَى الْخَمْرِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالْمَنْعِ مِنْهَا خَشْيَةَ الْخَمْرِ وَمِنْهَا الْمُجَاوَرَةُ فِي الْبُيُوتِ وَسِيلَةٌ إلَى الزِّنَا وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِمَنْعِهَا خَشْيَةَ الزِّنَا
. . . اهـ
وقدعامل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود بالتجارة والدين والإعارة ونحوها مع أن الله تعالى أخبره في القرآن أنهم يأكلون الربا والسحت. وربما يستعملون ما يحصلون عليه من تلك المعاملات في أمور محرمة.

وفي الصحيحين وغيرهما: أن عمر رضي الله عنه رأى على رجل من آل عطارد قباء من ديباج أو حرير، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو اشتريته ؟ فقال: إنما يلبس هذا من لا خلاق له، فأهدي إلى رسول الله حلة سيراء من حرير كما في بعض الروايات وفي رواية: فأرسل بها إلي، قال قلت: أرسلت بها إلي وقد سمعتك قلت فيها ما قلت، قال إنما بعثت بها إليك لتستمتع بها،إني لم أهدها لك لتلبسها إنما أهديتها لك لتبيعها أو لتكسوها، فأهداها عمر لأخ له من أمه مشرك.

والحرير قد يستعمل في الحرام وقد يستعمل في الحلال ولم يمنع الشارع منه. وهكذا كثير من الوسائل قد تستخدم في الحرام وقد تستعمل في الحلال، وما لم يغلب استعمال الحرام فيه خاصة أو غلب على الظن أن آخذه يريده للحرام فلا يحرم بيعه ولا إنتاجه. ومن استعمله في الحرام بعد ذلك فوزره عليه (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وللفائدة انظر الفتوى رقم: 110318.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني