الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأعداد المذكورة في القرآن على سبيل الحقيقة أم المبالغة أم التنبيه

السؤال

هل صحيح أن العدد لا مفهوم له، وهل هذه قاعدة أصولية أم لغوية ؟ وما حكم من يستدل بهذه القاعدة ليلغي مفهوم جميع الأعداد الواردة في القرآن ، مثل : سبع سموات ، أربعة طيور ، ستة أيام ؟ فيقول لا يلزم أن تكون هذه الأعداد حقيقية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن المعلوم أن علم أصول الفقه فيه مباحث لغوية كالأمر والنهي، والخاص والعام، والمطلق والمقيد، والظاهر والمؤول، وفيه مباحث اختلف أهل العلم في إفادتها للدلالة، هل هي لغوية لفظية أم هي عقلية، ومن هذه المباحث مبحث المفهوم، قال الزركشي في (البحر المحيط): هل المفهوم مستفاد من دلالة العقل من جهة التخصيص بالذكر، أو مستفاد من اللفظ ؟ قولان، وبالثاني قطع الإمام في البرهان. ورده الكرخي في "نكته" بأن اللفظ لا يشعر بذاته، وإنما دلالته بالوضع، ولا شك أن العرب لم تضع اللفظ دالا على شيء مسكوت عنه، فإن اللفظ إما أن يشعر بطريق الحقيقة أو المجاز، وليس المفهوم واحدا منهما، وبنى على هذا أنه لا يصح الاستدلال بكون أهل العربية صاروا إلى المفهوم، فإنهم إنما أخذوه بطريق الاستدلال بالعقل، وقد يخطئون، فيكون إذن نسبتهم كنسبة غيرهم من المخالفين. اهـ.
وعلى أية حال فدلالة مفهوم المخالفة من القواعد الأصولية، ولها علاقة بوضع اللغة عند بعض أهل العلم.
ومفهوم العدد أحد أنواع مفهوم المخالفة، وهو حجة عند جمهور أهل العلم، وقد سبق لنا التعريف بهما في الفتوى رقم: 101126. وقال الشوكاني في (إرشاد الفحول): الحق ما ذهب إليه الأولون ـ يعني القائلين بحجية مفهوم العدد ـ والعمل به معلوم من لغة العرب ومن الشرع، فإن من أمر بأمر وقيده بعدد مخصوص، فزاد المأمور على ذلك العدد أو نقص عنه، فأنكر عليه الآمر الزيادة أو النقص، كان هذا الإنكار مقبولا عند كل من يعرف لغة العرب، فإن ادعى المأمور أنه قد فعل ما أمر به، مع كونه نقص عنه أو زاد عليه، كانت دعواه هذه مردودة عند كل من يعرف لغة العرب. اهـ.
ولا يتعارض إثبات حجية مفهوم العدد مع النصوص التي يظهر منها إغفال قصد خصوص العدد، كذكر العدد للمبالغة أو التنبيه على ما فوقه، قال الزركشي: محل الخلاف فيما لم يقصد به التكثير، فأما المقصود به كالألف والسبعين وغيرهما، مما جرى في لسان العرب للمبالغة، فلا يدل بمجرده على التحديد. ذكره ابن فورك ... واستثنى ابن الصباغ في "العدة" ما إذا كان في العدد تنبيه على ما زاد عليه، كقوله: "إذا بلغ الماء قلتين" فإنه تنبيه على أن ما زاد عليهما أولى بأن لا يحمل. اهـ.
ثم إن ما تقدم لا علاقة له بكون الأعداد تدل بمنطوقها على معدودها حقيقة؛ فإن هذا من المنطوق لا المفهوم. وبالتالي لا يصح القول بأن عدَّ السموات بسبع، وأيام الخلق بست، والطيور التي أحياها الله لخليله بأربع ـ لا يلزم منه أن تكون هذه الأعداد حقيقية !! بل هذا لازم، ولكن يبقى الخلاف في : هل مثل هذه النصوص يصح الاحتجاج بها على نفي خلق الله لسموات أخرى غير هذه السبع، وخلق خلق آخر غير السموات والأرض في غير الأيام الست، وإحياء غير الطيور الأربعة للخليل في غير هذه القصة، وهكذا؟
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني