الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يستحق ابنك شقة مثل أخويه دون ما ما زاد عليها

السؤال

أنا أب لثلاثة ذكور قمت بالصرف على زواج الابنين الكبيرين وتوفير شقتين لهما للزواج وكان أخوهما عمره 6 سنوات ولا أملك مالا نقديا لتخصيصه له مثل أخويه فخصصت له محلا كان ملكي بنفس القيمة التي أنفقتها على إخوته في الزواج وتصرفت في تدبير ثمن شقة له من بيع ذهب لوالدته وعقار كنا نملكه برضاها ويسدد ثمنها من إيجارها ومن إيجار المحل على عدة سنوات نظرا لصغر سنه، والمشكلة أنه بعد مرور عدة سنوات ارتفع سعر العقارات ارتفاعا كبيرا فأصبح ما خصصته للصغير أكثر بكثير مما خصصته لإخوته وخصوصا أنه ما زال تحت رعايتي وليس لديه أي التزامات تجاه بيت، أو أولاد مثل إخوته ويشعرون بأنني ظلمتهم وأن أخاهم الصغير متميز عنهم حاليا، ومستقبلا سيكون أغنى منهم بسببي وخصوصا أن الشقة التي اشتريتها له تدر له دخلا وهم تزوجوا في شققهم وأنجبوا ولا يحصلون منها على أي دخل وطبعا بمرور السنين تزداد هذه الفجوة بين ماهم فيه وما فيه أخوهم الصغير، فهل ظلمت أحدا من أبنائي؟ أخشى أن يكرهوا أخاهم الصغير، وزوجتي من رأيها أن أسترد المحل والشقة منه وأعيد تقييم أسعارهم ثم أشتري له شقة مقاربة لسعر شقق إخوته اليوم وأضع له مبلغا لتربيته وجهازه مثلهم، وباقي المبلغ بعد ذلك يودع باسمي ليكون ميراثا للجميع فيما بعد وأنا أشعر أن هذا ظلما للصغير، لأنني يوم أن بعت له المحل كانت قيمته نفس قيمة ما أنفقته على إخوته بالضبط والشقة استرد منه ثمنها من يومها ولكن من دخلها ودخل المحل، فهل هذا فيه أي ظلم لإخوانه؟ وكيف أقنعهم أنني لم أظلم أحدا منهم وهم يرون أن أخاهم الصغير أغنى منهم بكثير الآن بسببي رغم حرصي على العدل بين أبنائي دائما؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فيحسن أن نجعل الإجابة على سؤالك في النقاط التالية:

النقطة الأولى: إن كنت قد أنفقت على ولديك الكبيرين في زواجهما لحاجتهما إلى هذه النفقة فلا حرج عليك في ذلك ولا يلزمك أن تعطي الصغير مثلهم، قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: ولو احتاج أحدهم إلى تزويج والآخر لا يحتاج، فالعدل أن يعطي من يحتاج إلى التزويج ولا يعطي الآخر، ولهذا يعتبر من الغلط أن بعض الناس يزوج أولاده الذين بلغوا سن الزواج، ويكون له أولاد صغار، فيكتب في وصيته: إني أوصيت لأولادي الذين لم يتزوجوا أن يزوج كل واحد منهم من الثلث، فهذا لا يجوز، لأن التزويج من باب دفع الحاجات وهؤلاء لم يبلغوا سن التزويج. اهـ.

النقطة الثانية: إذا كبر الولد الصغير واحتاج وأراد الزواج وجب عليك أن تصرف عليه كما صرفت على زواج أخويه، قال الشيخ ابن عثيمين في لقاء الباب المفتوح: يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجوا أن يزوجهم كما زوج الأول. اهـ.

النقطة الثالثة: أن تمليك كل واحد من الولدين الكبيرين شقة، لا يعتبر من باب دفع الحاجة في النفقة، لأن الحاجة تندفع بالتمكين من السكن في الشقة دون التمليك، قال الشيخ ابن عثيمين: إذا كان أحد الأبناء يحتاج إلى سيارة والآخرون لا يحتاجون، فإننا لا نعطي المحتاج سيارة باسمه، ولكن تكون السيارة باسم الأب، وهذا يدفع حاجته بانتفاعه بها، وإذا مات الأب ترجع في التركة.

فإذا ملك الأب بعضهم شيئا ـ كما هو الحال هنا ـ وجب عليه العدل بين أولاده في هذه العطية، فالراجح من أقوال الفقهاء أنه يجب على الوالد العدل بين أولاده في العطية، وهو مذهب الحنابلة خلافا لجمهور الفقهاء الذين ذهبوا إلى الاستحباب، وانظر الفتوى رقم: 6242.

وعلى هذا، فيستحق ولدك شقة مثل أخويه دون ما ما زاد عليها، وليس لهما الاعتراض على هذه العطية، وإن بلغت قيمة شقته ما بلغت، أو كانت تدر عليه دخلا، وعلى الأخوين أن يعلما أن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني