الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التائب من الذنب كمن لا ذنب له

السؤال

خمس سنوات ولا أشعر بالسعادة بسبب خبث العادة وللأسف لم أستطع ترك العادة وعندما أعملها أذكر نفسي بالموت فلا أتوقف وأقرأ الآيات: أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض ـ ولا أتوقف أتخيل أني أرى الصور الإباحية وفي نفس الوقت أقرأ الآيات وأتذكر أن الله يراني وأتذكر الموت فجأة ولكن شعوري بالشهوة والغريزة الجنسية تفوق كثيرا شعور الخوف من رب العالمين ومن الموت ولا أستطيع التوقف للأسف أتذكر عدد مرات القيام بهذه العادة الخبيثة وأن الله تعالى الرحيم لم يقبض روحي وأنا أعصيه أتذكر كل نعم رب العالمين وأنا أعصي ومع ذلك لا أدري ماذا أقول؟ هل أتكبر؟ أم أنني لا أعرف كيف أصف نفسي حين أعصي؟ وكلما أفعلها يزداد قلبي سوادا ونفاقا وبعدا من الله تعالى وحين أريد أن أصلي وحدي في الغرفة أشعر بالوسواس الشديد الذي يسيطر على جسدي حيث الوسواس يذكرني أنني سأموت إذا صليت وسيحدث لي شيء ولا أحد معي في الغرفة، فلا أرتاح حتى أرى أحدا من الأهل في الغرفة فأصلي، ولكن العكس في العادة الخبيثة أتذكر الموت وأعتبره شيئا مهملا وأني لن أموت، ودائما أقول في نفسي إن الذي يعمل العادة السرية شخص غبي وأنا لن أفعلها والشيطان يوسوس لي وأقاوم ثم فجأة يأتيني شعور قوي جدا جدا جدا لا أستطيع المقاومة أرى نفسي منقادا للعادة السرية والصور الخبيثة، لا أعرف ما هو ذلك الشعور لا أستطيع فعل أي شيء سوى الاستسلام والبكاء والحسرة إلى أن أنتهي منها ثم أتبع السيئة الحسنة لتمحوها أتصدق ببعض الدراهم التي لدي، ودائما أصمم أن لا أعمل وتمر دقيقة وأرى قلبي قد تقلب وأحاول الاستغفار ولكن الشهوة تسيطر علي والمشكلة أن هذه العادة أخذت من صحتي كثيرا ومن حياتي كثيرا وسأعطيكم بعضا منها: أصبحت ضعيفا جدا وبرزت العروق لدي في يدي ودائما يؤلمني أسفل ظهري وأتعب سريعا ولا أستيطع ممارسة الرياضة لفترة كبيرة وأصبحت الذاكرة ضعيفة نسبيا وإذا استلقيت يأتيني دواخ وإذا قمت يأتيني دواخ وإذا جئت أتوضأ ورفعت رجلي إلى المغسلة أحس بضربات في رأسي وصداع، والآن أحس بضعف شديد وأنا في 19 من عمري ولدي حبوب تبرز شيئا فشيئا بعد ما أفعل العادة، فبعد أن أعمل العادة تبرز من 1 إلى 3 حبات لا أعرف ما هي لا هي مثل الصديد وهي مجهولة لدي وتحكني دائما فما هو تشخيصكم لهذه الحبوب؟ والمشكلة أنه ليس لدي رفيق درب فأنا إنسان وحيد منذ خمس سنوات، صحيح أن لدي أصدقاء ولكنهم زملاء عاديون لا أكثر ولا أقل أسلم عليهم وأتكلم معهم كلاما عاما وللأسف ليس لدي أصدقاء صالحون أستطيع أن أقضي وقتي معهم، وإلى الآن أدعو ربي أن أحصل على صديق حسن الأخلاق جميل في خلقه يأمرني بالمعروف وينهاني عن المنكر ويكون لطيفا وشجاعا وقد تخرجت من المدرسة وكنت أتمنى أن أحصل على صديق فقط في الصف والآن أتحسر أنني لم أذق طعم الأصدقاء في وقت صباي وهو أجمل وقت، وكلما أتذكر أبكي حسرة وأرى غيري لهم أصدقاء مرتبطون معهم، فلا يمكن لإنسان أن يعيش دون أصدقاء ولكن يجب علي أن أؤمن بالقضاء والقدر والآن لا أعرف ماذا يمكن أن يحدث لي في الجامعة، فهل سأحصل على أصدقاء صالحبن يحبون بعضهم بعضا أم لا؟ أريد أن أعرف هل الذي فعلته من العادة السيئة والنظر إلى الصور الخبيثة كانت مكتوبة علي؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يتوب عليك وأن يتجاوز عنك، واعلم ـ هداك الله ـ أن الوقوع في الخطأ والزلل من طبيعة الإنسان فكل بني آدم خطاء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن من تاب إلى ربه وأناب إليه وأخذ بأسباب الاستقامة فإن توبته تمحو أثر ذنبه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والشهوة مهما كانت شديدة والرغبة في المعصية مهما كانت ملحة فإن الله تعالى يذهبها بالمجاهدة والاستعانة به تعالى والإخلاص والصدق في دفعها والتخلص منها، فعليك أن تخلص لربك تعالى وأن تستعين به وتجتهد في دعائه فإن القلوب بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، ولن يعينك على ترك هذه المعصية إلا هو تبارك وتعالى، وهو تعالى لو علم منك الصدق في التوبة فإنه يوفقك لها فإنه أرحم الراحمين، وعليك بمجاهدة نفسك مجاهدة صادقة، فإن الله تعالى وعد الذين يجاهدون أنفسهم فيه بالإعانة والتوفيق، كما قال تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين { العنكبوت: 69}.

ولا شك في أن ما فعلته من المعصية هو أمر قدره الله عليك، كما قال تعالى: إنا كل شيء خلقناه بقدر { القمر: 49}.

ولكن ليس لك حجة في تقدير الله السابق على ما فعلته، وإنما الواجب عليك أن تدفع القدر بالقدر فتدفع قدر المعصية بقدر التوبة كما تدفع قدر الجوع بقدر الأكل وقدر العطش بقدر الشرب وهكذا، والعباد ليس لهم على الله تعالى حجة، بل لله الحجة البالغة، وما تشكو منه من عدم الصديق الصالح يحتاج منك إلى بذل جهد في تحصيله، ومثل هذا الصديق لا يوجد في مكان أمثل من المسجد، فعليك أن تلزم بيوت الله تعالى وتكثر من حضور مجالس العلم وحلق الذكر وتشهد الجماعات، فإذا فعلت ذلك وجدت في المسجد من الشباب الصالحين من يكونون خير عون لك على طاعة الله تعالى، وأما ما يتعلق بما تعانيه من الأمراض فنحيلك في ذلك على قسم الاستشارات بموقعنا فلعلك أن تراجعهم فيكون في ذلك نفع لك إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني