الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز الانتفاع بالراتب المأخوذ عن طريق التزوير

السؤال

أنا صاحبة الفتوى رقم: 2311126، والتي بعنوان: حكم الزيادة الوهمية لعدد العاملين لخداع الجهات المسؤولة، وللأسف فإنني عندما أرسلت الفتوى كنا قد بدأنا في الإجراءات بالفعل وكنت استخرت للأمر، وعندما خشيت أن تكون هناك شبهة في الموضوع أرسلت السؤال وقلت إن كان الأمر شرا فلن ييسره الله، وإن جاءت الفتوى بأن الأمر غير جائز فلن أكمل الأمر، ولكن للأسف الرد على السؤال وصلني منذ أيام قليلة وإجرءات بطاقة البلدية قد انتهت، والبطاقة معي الآن بالفعل، والراتب قد يصل خلال أيام، فكيف أتصرف في هذا المال؟ وهل يجوز أن أعطي منه لأبي وأمي ليعتمرا وأقوم منه ببعض أعمال الخير كمساعدة الغارمين وغيرها من الأمور؟ وهل تجوز لي الاستفادة الشخصية منه لنفسي أم ماذا علي أن أفعل؟ أريد أن أضيف توضيحا فزوجي يقول لي إن هذا الأمر متعارف عليه بين الناس هنا في كثير من المكاتب وحتى المسؤولين في البلدية يعلمون بهذا الأمر. فهل يعتبر غشا في هذه الحالة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك أخذ الراتب المأخوذ بناء على الغش والتزوير، كما بينا في الفتوى السابقة رقم: 160549

إلا إذا كنت ستعملين فعلا وتشرفين على المشاريع ولا توقعين إلا ما قمت بمراجعته والتثبت منه، ويمكن تصحيح العقد مع صاحب المكتب ليكون عقدا صحيحا لاغش فيه ولا تزوير، فإن تم كذلك فلا حرج عليك فيما يعطيك من راتب، وأما إن كان الراتب مقابل ذلك الغش والتزوير فهو محرم وليس لك الانتفاع به، بل يلزمك التخلص منه في مصالح المسلمين أو دفعه إلى الفقراء والمساكين، وليس لك أن تعطي منه لأبويك إلا إذا كانا فقيرين محتاجين، وأما لأجل العمرة ونحوها فلا، ولا ينبغي رده إلى صاحبه، لئلا يجمع له بين العوض والمعوض عنه جاء في سبل السلام ناقلاً عن ابن القيم: أن هذا المال في جميع كيفياته يجب التصدق به ولا يرد إلى الدافع، لأنه دفعه باختياره في مقابل عوض لا يُمكن صاحب العوض استرجاعه فهو كسب خبيث يجب التصدق به، ولا يعان صاحب المعصية بحصول غرضه ورجوع ماله. اهـ.
وأما قول زوجك إن هذا الفعل مما جرى به العرف: فإن ذلك لا يغير من حكمه ولا يبيحه، كما قال اليعقوبي:

والعرف إن صادم أمر الباري * وجب أن ينبذ بالبراري.

يعني أن العرف المصادم للشرع لا اعتبار له، بل ينبغي نبذه في الفيافي والقفار، وعليك إنهاء ذلك العقد ما لم تصححيه ليكون مقابل عمل حقيقي لا تزوير وغش وخداع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني