الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من علق طلاق امرأته على أمر ففعلته قاصدة حنثه

السؤال

أنا معلمة متزوجة، أردت شراء أرض فرفض زوجي ذلك، علما بأني شرطت في عقد الزواج عدم تدخله في راتبي إلا أنه رفض أن أشتري أرضا إلا في حالة ما إذا سجلت الأرض باسمه، وعندما رفضت قال لي إذا اشتريت أرضا تطلقين، فقلت له يا فلان لا تطلق فرجع وقال إذا اشتريت أرضا تطلقين، ورجعت وقلت له لا تطلق. فقال للمرة الثالثة: إذا اشتريت أرض تطلقين، علما بأن هذا الكلام قاله وهو مرتاح ويشرب القهوة ويطالع التلفزيون، أي أنه لم يكن في حالة غضب. وأنا الآن في بيت أهلي تركته بسبب تقصيره معي في النفقة وفي أثاث البيت، وبسبب إهماله لي وعدم تحمله لمسؤوليتي، فتركني في بيت أهلي وهجرني ما يقارب سنتين و4 أشهر دون اتصال أو نفقه أو سؤال. وبعد ذلك رفعت قضية في المحكمة أطلب حقوقي، فرفض بحجة أنه يطالب بنقلي لمحل عمله وأنني ناشز، فطلبت الطلاق لأن ترك ديرتي وديرة أهله سؤالي: هل إذا اشتريت أرضا بدون علمه يقع الطلاق وبذلك تنتهي معاناتي وتعليقه لي طوال هذه المدة بدون عذر شرعي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان زوجك قد علق طلاقك على شرائك الأرض، فإنّ الطلاق يقع عليك إذا خالفت زوجك واشتريت الأرض، لكن إذا اشتريت الأرض بقصد إيقاع الطلاق، فقد اختلف العلماء في وقوع الطلاق بذلك، فالجمهور على وقوعه، وذهب بعض المحققين إلى عدم الوقوع.

قال الدسوقي : .. ( وَلَوْ عَلَّقَهُ على فِعْلِهَا .. ) كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَدَخَلَتْهَا قَاصِدَةً حِنْثَهُ فَتَحْرُمُ عليه عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مُعَامَلَةً لها بِنَقِيضِ قَصْدِهَا. حاشية الدسوقي.
وقال ابن القيم: المخرج السابع أخذه بقول أشهب من أصحاب مالك بل هو أفقههم على الإطلاق، فإنه قال: إذا قال الرجل لامرأته إن كلمت زيدا أو خرجت من بيتي بغير إذني ونحو ذلك مما يكون من فعلها فأنت طالق، وكلمت زيدا أو خرجت من بيته تقصد أن يقع عليها الطلاق لم تطلق. حكاه أبو الوليد ابن رشد في كتاب الطلاق من كتاب المقدمات له، وهذا القول هو الفقه بعينه ولا سيما على أصول مالك وأحمد في مقابلة العبد بنقيض قصده. إعلام الموقعين.

وعلى القول بوقوع الطلاق ينبغي أن تنتبهي لبعض الأمور : -
الأول : أن مجرد تكرار زوجك تعليق الطلاق على شرائك الأرض لا يترتب عليه وقوع أكثر من طلقة، إلا إذا كان الزوج يقصد إنشاء طلقات أخرى.

جاء في حواشي تحفة المحتاج في شرح المنهاج: وَإِنْ كَرَّرَ فِي مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَتَعَدَّدْ إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ.

الثاني : إذا وقعت عليك طلقة أو طلقتان فمن حق زوجك أن يرجعك إلى عصمته دون رضاك أو علمك، وانظري الفتوى رقم: 106067
الثالث : عند التنازع في وقوع الطلاق -ولا بينة- فالقول قول الزوج، وانظري الفتوى رقم : 35044
الرابع : المسائل التي تشتمل على منازعات ومناكرات مردها إلى المحكمة الشرعية للفصل فيها .
والذي ننصح به أن يتدخل بعض العقلاء من الأهل أو غيرهم من أهل الدين والمروءة ليصلحوا بينك وبين زوجك فإنّ الطلاق ينبغي ألا يصار إليه إلا بعد تعذر جميع وسائل الإصلاح، وإذا أمكن للزوجين الاجتماع والمعاشرة بالمعروف ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات والتنازل عن بعض الحقوق كان ذلك أولى من الفراق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني