الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

شيخي الكريم قال الله تعالى في كتابه العزيز: ( كل شيء هالك إلا وجهه) هل الروح في عالم البرزخ تهلك أيضا أي هل الروح في البرزخ تموت أيضا؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الآية مما استدل به القائلون بموت الروح.

وقد تعرَّض شارح الطحاوية لهذه المسألة ورجح عدم موتها في عالم البرزخ فقال:واختلف الناس: هل تموت الروح أم لا ؟ فقالت طائفة: تموت؛ لأنها نفس، وكل نفس ذائقة الموت، وقد قال تعالى: {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}. وقال تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه}. قالوا: وإذا كانت الملائكة تموت، فالنفوس البشرية أولى بالموت. وقال آخرون: لا تموت الأرواح، فإنها خلقت للبقاء، وإنما تموت الأبدان. قالوا: وقد دل على ذلك الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها. والصواب أن يقال: موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها، فإن أريد بموتها هذا القدر، فهي ذائقة الموت، وإن أريد أنها تعدم وتفنى بالكلية، فهي لا تموت بهذا الاعتبار، بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو في عذاب، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقد أخبر سبحانه أن أهل الجنة {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى}، وتلك الموتة هي مفارقة الأرواح للأجساد. وأما قول أهل النار: {ربنا أمتنا اثنتين}، وقوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم}- فالمراد: أنهم كانوا أمواتا وهم نطف في أصلاب آبائهم وفي أرحام أمهاتهم، ثم أحياهم بعد ذلك، ثم أماتهم، ثم يحييهم يوم النشور، وليس في ذلك إماتة أرواحهم قبل يوم القيامة، وإلا كانت ثلاث موتات. وصعق الأرواح عند النفخ في الصور لا يلزم منه موتها، فإن الناس يصعقون يوم القيامة إذا جاء الله لفصل القضاء، وأشرقت الأرض بنوره، وليس ذلك بموت. وسيأتي ذكر ذلك، إن شاء الله تعالى. وكذلك صعق موسى عليه السلام لم يكن موتا، والذي يدل عليه أن نفخة الصعق - والله أعلم - موت كل من لم يذق الموت قبلها من الخلائق، وأما من ذاق الموت، أو لم يكتب عليه الموت من الحور والولدان وغيرهم، فلا تدل الآية على أنه يموت موتة ثانية. اهـ.


والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني