الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع العباءات المطرزة والمخصرة

السؤال

أنا تجارتي في العباءات والطرح، ومنها العباءات المطرزة والمخصرة وكل أنوعها، والخياطة حسب الطلب والموديل، ولكن الحمد لله أنفق صدقات كثيرة، وأحسن إلى الناس، وأقرض المحتاج وأكرم العاملين، وأزكي مالي، ولا أرد مسكينًا، وأعين المحتاج، فالربح وفير والحمد لله، وأنفق على والدي، وأنفق على بيتي وأوسع عليهم، ومأكلنا ومطعمنا ومشربنا من هذه التجارة، واستثمار الفائض في العقار بمعنى أخلط مكاسبي من هذه التجارة بغيرها لتحصل البركة. فهل تجارتي ومكاسبي ومأكلي ومشربي وصدقاتي وطاعاتي حلال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبيع العباءات لا حرج فيه، لكن ما كان مطرزًا منها تطريزًا فاتنًا أو ضيقًا يبين مفاتن الجسم وحدوده، فإنه لا يجوز بيعه إذا غلب على الظن استعماله فيما هو محرم كالتبرج به، وهذا هو الغالب، لأن العباءات إنما تلبسها المرأة في خروجها من بيتها ولا تلبسها تحت ثيابها، وبالتالي فبيع ما يستخدم في الحرام لا يجوز، لأنه من التعاون مع أصحابه على الإثم، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. [المائدة:2]. وانظر الفتوى: 52607، وما كان كذلك عليك الامتناع من بيعه وتفصيله حتى لا تكون شريكاً في الإثم، ولا تدخل الحرام إلى مالك، لأن بيع ما يتخذ للحرام ولو كان مباحًا في ذاته، فإن ثمنه يكون حرامًا، لأنه بيع على الوجه المحرم.

قال ابن القيم في زاد المعاد: إذا بيع العنب لمن يعصره خمرًا، حرم أكل ثمنه، بخلاف ما إذا بيع لمن يأكله، وكذلك السلاحُ إذا بيع لمن يُقاتل به مسلماً، حرم أكل ثمنه، وإذا بيع لمن يغزو به في سبيل الله، فثمنه من الطيبات، وكذلك ثيابُ الحرير إذا بيعت لمن يلبسُها ممن يحرم عليه، حرم أكل ثمنها بخلاف بيعها ممن يحل له لبسها. ونسب هذا المذهب إلى الجمهور.

وكونك تتصدق وتطعم المساكين وتقضي خلة الفقراء لا يبيح لك ما كان محرمًا، وإنما تلك أعمال حسنة يرجى أن يصلك ثوابها وبرها عاجلاً أو آجلًا.

وعليك أن تخرج قدر ما يحرم عليك من الأثمان في وجوه الخير ومنافع المسلمين بنية التخلص منه لا بنية الصدقة، فإنك لا تملكه حتى تتصدق به، كما عليك أن تقلع فورًا عن بيع ما يحرم بيعه، إذ من شروط التوبة الإقلاع عن الذنب على الفور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني