الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم من برمج قناة بها موسيقى إذا استمع إليها غيره

السؤال

أسعد الله أوقاتكم وأمدها، إخواني إسلام ويب لدي سؤال بخصوص كسب أوزار أناس آخرين يعني الدال على الشر كفاعله: استأجرت إحدى الشقق المفروشة في مدينة غير التي أسكن، وأنا أتابع إحدى القنوات الإخبارية المعروفة اضطررت لأن أبحث عن هذه القناة لأنها ليست موجودة في الريسيفر، وبعض الإخوان طلبوا مني برمجتها، وأنا أعلم أن بها موسيقى، ولكي لا أتحمل وزر من يسمعها بعدي ممن يستأجرون الشقة قلت: إن شاء الله وعند ما أغادر الشقة سوف أقوم بمسحها بإذن الله جل وعلا، ولكن حال دون ذلك النسيان ونسيت أن أمسحها وسافرت، وتذكرت بعد مدة أنني نسيت أن أمسحها فبرأت ذمتي أمام لله عزوجل ممن يسمع القناة بعدي ويكسب وزرا وأكسب وزره.
وسؤال آخر في نفس السياق اعذروني والله من الصعب التواصل معكم وللضرورة طلب مني أحد الزملاء المسؤول عن إحدى القنوات أن أبحث له عمن يجيدون الجرافيكس واعتمد علي بعد الله فقلت إن شاء الله وتذكرت لاحقا أن الجرافيكس قد تدخل به موسيقى، ولكنني وجدت بعضهم وتوقفت قليلا دون أن أخاطب من وجدت أو من طلبني بالحث، وقلت هل أكسب وزر وإثم من يعمل بالموسيقى لأن الدال على الشر كفاعله، وربما أقطع رزق أحدهم، فما الحل بارك الله فيكم؟ واعذروني على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإننا أولاً نشكر السائل على حرصه على السلامة من كسب أوزار الآخرين، ونسأل الله أن يوفقنا وإياه لما يحبه ويرضاه. ثم إنه يجوز استخدام جهاز التلفاز أو اللاقط ـ الريسيفر ـ لمشاهدة الأخبار والبرامج المفيدة، ونحو ذلك مع الالتزام بالبعد عن المحرمات كالموسيقى والنظر المحرم، ولكن لما كان الغالب استعمال هذه الأجهزة في الحرام فينبغي عدم إعانة الغير على استخدامها وتمكينه منها. وقد مضى بيان لهذا في الفتويين رقم: 1886، ورقم: 79180.

وأنت قد ذكرت أنه يوجد بالقناة المذكورة موسيقى وهي محرمة، وقد بينا تفصيل ذلك بالأدلة في الفتويين رقم: 54316، ورقم: 66001.

وبما أنك كنت عازما على مسح هذه القناة ونسيت ذلك فنرجو أن لا ينالك إثم فيما يحصل بعدك وإن استعملها أحد فيما يحرم فالإثم عليه، والأمر حينئذ، كما قال تعالى: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى{الأنعام: 164}.

وراجع الفتويين رقم: 157661، ورقم: 126872.

ثم إن ما يخشاه المسلم من كسب أوزار الآخرين تكفي فيه التوبة إن شاء الله تعالى، فقد نص أهل العلم على أن من تاب من ذنب، فإنه تقبل توبته ولا يضره بقاء أثر ذنبه، ومثلوا لذلك بمن نشر بدعة ثم تاب منها|، قال صاحب المراقي:

من تاب بعد أن تعاطى السببا * فقد أتى بما عليه وجبا

وإن بقي فساده كمن رجع * عن بث بدعة عليها يتبع.

وينبغي لك أن تنشط في دعوة الناس للخير ودلالتهم عليه والمبادرة بتطبيقه، فإذا استنوا بك وعملوا بما دللتهم عليه ستنال مثل أجرهم ـ إن شاء الله تعالى ـ

وأما عن العمل في مهنة الجرافيك فقد قدمنا في الفتوى رقم: 80240، جوازه إذا انضبط بالضوابط الشرعية، ولا يحل لك دلالة كل منهما على الآخر إن علمت منهما التعاون على ما فيه السماع المحرم والتصوير المحرم، لأن ذلك لا يجوز، وبالتالي لا تجوز الإعانة عليه ولا التسبب فيه، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 164127، 64525، 71065، 63027.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني