الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزانية إذا تزوجت بشخص لا يعلم بزناها

السؤال

شيخنا الفاضل أتأسف لكثرة التوضيح: لأن صديقتي تمر بعذاب مستمر وخوف و وسوسة, ووهي تريد أن تتأكد أن زواجها صحيح، كما قلت صديقتي تربت في بلاد غير مسلمة, وهي طفلة تحرش بها أخوها جنسيا, وأيضا أخوها الثاني وهي 16. عاشت دائما في رعب وخوف وحزن, مما جعلها فريسة سهلة ومشتتة، صديقتي يتملكها الحزن و الخوف الشديد, كان لديها علاقات محرمة قبل وبعد الزواج, زنت مرة واحده قبل أن تتزوج - لقد وقعت بالفاحشة دون قصد ولكن مرة واحدة تم زنا الفرج, وهي لا تزال لا تدري إذا تم الزنا, لم ينزل دم , ولم يحدث نزول المني أو ربما حدث ( هي توسوس), وهي سألت الشخص إذا كان زنا بها, فقال نعم , وأكد لها أن عضوه دخل في عضوها- حدث الزنا بمدة قصيرة قبل زواجها (على سنة الله ورسوله - بشاهدين و شيخ دون ولي) من رجل عفيف ( زوجها لم يعلم بزناها ولا زال لا يعلم ). وتزوجت قبل أن تستبرئ رحمها (ولا حتى بحيضة واحدة) لأنها لا تعلم إن كان يجب أن تستبرئ , وأيضا لأن الزاني لم يصب المني في الفرج كما تعتقد, مع أنه أدخل عضوه بعضوها. وأيضا تزوجت قبل أن تتوب لأنها لم تعلم بشروط التوبة النصوح - ولكن كان بنيتها أنها تسترت ولم تفعل الحرام لأنها تزوجت (رغم أنها بعد الزواج وقعت بالزنا مع نفس الشخص دون صب المني بالفرج ولكن بدخول عضوه بعضوها ) انقطعت العلاقة بالزاني بعد مدة قصيره من زواجها, وحملت من زوجها بعد 3 سنوات أو أكثر من الزواج ولديها ولد من زوجها لأنها حاضت في كل شهر من الزواج إلى أن حملت, (لأن زوجها كان يعزل عن صب المني لأنه كان يريدها أن تشتغل ويدخر المال وهي لم تأخد حبوب منع الحمل...ولكن عزل صب المني كانت الطريقة إلى أن حملت من زوجها حين توقف عن العزل). هي تابت توبة نصوحا بعد الزواج, ولكنها خائفة أن يكون زواجها باطلا حيث تقرأ أنه لا يجوز زواج الزانية من رجل عفيف قبل الاستبراء والتوبه النصوح. لا تريد أن تموت وهي في زواج باطل, علما بأنها تابت توبة نصوحا (تصلي السنه, قيام الليل, تقرأ كمية كبيرة من القرآن الكريم يوميا, تدعو بعد كل صلاة, تسبح, تحمد, تتستغفر وتكبر الله 200 مرة باليوم, وتصلي على سيدنا محمد (ص)200 مرة يوميا, وتنوي الحج) تعلم أن مذهب الشافعي وآخرين من العلماء حللوا زواج الزانية قبل التوبة و قبل الاستبراء إذا علم الرجل بزناها, ولكن ماذا إذا كان لا يعلم, هل هذا يبطل زواجها?,هي خائفة أن يكون باطلا لأنها لم تخبره و تشعر أنها خدعته, ولأنها لم تستبرئ ولم تتب توبة نصوحا قبل زواجها. هل زواجها باطل لأن زوجها لا يعلم بزناها قبل وبعد الزواج, ولأنه لا زال لا يعلم أنه تزوج زانية لم تكن مستبرأة و لا تائبة قبل الزواج؟ ما ذا تفعل إذا كان باطلا؟ هل تخبره بزناها علما أنها تابت توبة نصوحا, هل تخبره بزناها علما أنها تعلم أنه سيقتلها أو يشردها لأنه سوف يأخد أموالها من شغلها؟ هل تخبره وتخرب على ابنهما, وهم في بلاد مسيحية, ويمكن أن يضيع دون أب و أم ؟ علما أنه قد يشك أن الولد ليس ابنه؟ هل تخبره بزناها علما أنها تعلم أنه لن يستر عليها وسوف يخبر أهلها و أهله؟ هل لأنها لم تقل له فهذا خداع يبطل العقد? ,هل لأنها لم تستبرأ ولم تتب قبل الزواج يبطل العقد؟ هي الآن تابت توبة نصوحا ليس لخوفها منه لكن لخوفها من الله, ولكن هي الآن لا تنام, و تريد أن تعترف له بالحقيقه, فهل تفعل؟ هي أيضا قالت لزوجها أن لا يلمسها خوفا من أن يكون زواجها منه باطلا, ولكن ماذا إذا لمسها؟ وماذا عن ابنهما, هو ابن زوجها, لكن هل لأنها لم تستبرئ هل هو ابن حرام, مع أنه ابن زوجها, وهي كما قلت قطعت علاقتها بالزاني بعد فتره قصيرة من زواجها, وابنها ولد بعد 3 سنين أو أكثر من الزواج. إن أخبرت زوجها وعادت إلى بيت أهلها - أخواها يعيشان مع أهلها، وأردت أن أضيف أنها تعييش في بلاد الغربة من وهي في سن 12 إلى الآن. أردت أن أضيف أن صديقتي تزوجت على سنة الله ورسوله بشاهدين وشيخ ولكن دون ولي- لا أدري إذا كانت هذه المعلومة ستغير في الإجابة. أرجو الرد عاجلا لأننا في بلد ليس فيها علماء مسلمون.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يخفى أنّ الزنا من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائرالتي تجلب غضب الله، وهو جريمة خطيرة لها آثارها السيئة على الفرد والمجتمع، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا. الإسراء (32)
وقد اختلف العلماء في صحة الزواج بالزانية قبل توبتها، فذهب الجمهور إلى صحته مع الكراهة، وذهب الحنابلة إلى تحريمه، وانظري الفتوى رقم : 35509
لكن تحريم الزواج بالزانية إنما يكون عند ظهور زناها أو علم الزوج به، أما إذا لم يعلم بزناها فالزواج صحيح.

جاء في حاشية الروض المربع عند قول المؤلف : وتحرم الزانية على زان وغيره: إذا علم زناها، لقوله تعالى: وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.

وعليه؛ فما دام هذا الرجل قد تزوج تلك المرأة ولم يعلم بزناها فلا يبطل زواجه بذلك، وعليها أن تستر على نفسها ولا تخبر زوجها أو غيره بما وقعت فيه من الفاحشة.
لكن زواج المرأة دون ولي باطل عند جمهور العلماء خلافاً للإمام أبي حنيفة (رحمه الله) الذي يرى صحة تزويج المرأة الرشيدة نفسها، ومذهب الجمهور هو الراجح، ومن عقد الزواج بلا ولي تقليدا للقائل بصحته أو كان قد حكم بصحته قاض شرعي فالزواج صحيح، وعلى ذلك فالذي ننصح به تجديد عقد هذه المرأة بمباشرة وليها أو وكيله إن أمكن ذلك، وأما بخصوص الأولاد فلا إشكال في نسبتهم إلى الزوج ما داما تزوجا معتقدين صحة النكاح.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني