الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تسديد الأب قيمة ما سرقه ابنه مقابل التنازل عن الدعوى ضده

السؤال

أستحلفكم بالله أن تردوا علي في فتوى في أسرع وقت ممكن.
أكرمنى الله بمحل أقتات منه، من فترة بدأت بعض الأشياء تختفي من المحل (أشياء تسرق) وبعد دراسة وبحث انحصر الشك في شخصين أحدهما من الممكن أن يتبرأ منها، أما الثاني فقد أمسكته متلبسا بالسرقة، ونظرا لحداثة سنه احتكمت إلى والده بدلا من اللجوء للشرطة، وكان شكي في محله أن الطفل وقع تحت تأثير الغواية أو الوسوسة، المهم أنا أمسكته بأشياء محددة متلبسا وواجهته بباقي المسروقات أمام والده فاعترف بالبعض وأنكر البعض، ومع تفتيش حجرة السارق وجدنا بعض الأشياء التي أنكرها ولم نجد البعض الباقي رغم أنه أنكر وأقسم أنه لم يأخذها ومع ذلك وجدناها، بالإضافة إلى أشياء أخرى لم أتحدث عنها أبدا، واعترف هو أنه أخذها، وبالعودة للمحل وجدتها فعلا ناقصة عندي وغير موجودة، ونحن لم نجدها في التفتيش. الخلاصة أن المسروقات التي وجدناها تم استعادتها والتي لم نجدها تم تقدير ثمنها، وقام ولد السارق بدفع هذا الثمن. فهل في هذا أمر شرعي مخالف أو أنني أخطأت في شيء.
أرجو الرد سريعا وأكرر أنا أمسكت بالطفل السارق متلبسا والمسروقات معه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فوجود بعض المسروقات معه لايستلزم كونه هو من سرق باقي الأشياء الضائعة، فربما سرقها غيره، وليس لك إلزام ولي أمره بدفع ثمنها إلا أن يكون ما دفع إليك صلحا عن عدم رفع دعوى ضد ابنه، فلا حرج حينئذ فيما اتفقتما عليه من مال للتنازل عن الدعوى، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه.

جاء في شرح الزركشي على مختصر الخرقي: والصلح الذي يجوز هو أن يكون للمدعي حق لا يعلمه المدعى عليه، فيصطلحان على بعضه، فإن كان يعلم ما عليه فجحده فالصلح باطل . ش : الصلح على الإِنكار جائز في الجملة، لعموم قوله: ( الصلح بين المسلمين جائز ) ولأن الشريعة جاءت بجلب المصالح، ودرء المفاسد ، وهذا كذلك، إذ المدعي يأخذ عوض حقه الثابت له في اعتقاده، والمدعى عليه يدفع ما يدفعه لدفع الشر عنه، واليمين، وحضور مجالس الحكام، إلى غير ذلك، ويتفرع على هذا أن الإِنسان إذا ادعى حقاً يعتقد ثبوته على إنسان، فأنكره لاعتقاده أنه لا حق عليه ، ثم صالحه عنه بعوض جاز، لما تقدم من أن المدعي يأخذ عوض حقه ، والمدعى عليه يدفع ذلك افتداء ليمينه ، ودفع الخصومة عنه. اهـ.

كما أنك لم تلزم ولي أمر الطفل بدفع قيمة المسروقات، وإنما تبرع هو بذلك من عند نفسه، وبالتالي فلا حرج عليك في أخذ ما تبرع به، سواء أكان صلحا عن عدم رفعك للدعوى ضد ابنه، أوكان تبرعا منه دون التصالح على عدم رفع الدعوى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني