الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يقع الطلاق بمجرد تراضي الزوجين على الانفصال لدى المحكمة

السؤال

أردت يا شيخي أن تفتيني في أمر قضية طلاق: فقد اتفق أبواي على الطلاق بالتراضي مع العلم أن الطلاق وقع إداريا لا شرعيا بالتلفظ أو نية الطلاق, وهما يعيشان في نفس المنزل بدون معاشرة وقد قال لها أبي وحتى بعد الزواج بأخرى أنه سيحاول أن يوفق بين الاثنتين في المعاملات والنفقة وسير نمط الحياة حتى تظل الألفة موجودة ويجتمع حولها أولاده ولا يتفرقوا, فأرجوا الإفادة وبيان حدود الله حتى لا نتعداها: الوالدة تبلغ 54 ربيعا ولا تحيض، فهل لها عدة تعتدها حتى في حالة الطلاق الإداري؟ وفي حال أنها لا تخضع لعدة فما هي حدودها وما هو مباح لها؟ وهل لها كفارة في ما اقترفت من محارم الله ولوالدي أيضا؟ وإن كانت لها عدة، فهل يجب على أبي أن يرجعها أثناء الثلاثة أشهر موضوع العدة أو بالفاتحة بعد انقضاء العدة؟ وما ضرورة الفاتحة إن لم ينطق أبي بلفظ الطلاق بل كان الأمر إداريا حتى يتمكن من الزواج بغيرها، مع العلم أن مجلة الأحوال الشخصية في دولة تونس تحظر على الأفراد الزواج باثنتين؟ وأخيرا سائلين المولي أن يعينكم ويوفقكم بتبيان موقف الشريعة المحمدية وإن وجد أكثر من رأي لأئمتنا الفضلاء فأرجو بيانه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق المعتبر شرعا هو ما أتى فيه الزوج بلفظ الطلاق أو إحدى كناياته المصحوبة بنية الطلاق، أو حكم به قاض شرعي لسبب يقتضي ذلك، فإذا لم يكن شيء من ذلك فالطلاق غير لازم، جاء في المغني لابن قدامة: إذا ثبت أنه يعتبر فيه اللفظ، فاللفظ ينقسم فيه إلى صريح وكناية, فالصريح يقع به الطلاق من غير نية, والكناية لا يقع بها الطلاق حتى ينويه, أو يأتي بما يقوم مقام نيته. انتهى.

ولا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم، وقولك: إن الطلاق وقع إداريا لا شرعيا بالتلفظ أو نية الطلاق، إنما فهمنا منه أن أباك لم يكن قصده تطليق أمك، ولم يصدر منه ما يقتضي طلاقها، لا بلفظ صريح ولا بكناية من كنايات الطلاق، وكانت غايته أن يقوم بإجراء شكلي يستبيح به ما منعته مجلة الأحوال الشخصية من الزواج باثنتين، فإذا كان الحال على ما فهمناه، فالجواب أن الطلاق لا يقع بمجرد تراضي الزوجين على الانفصال لدى محكمة لكي يتمكن الزوج من الزواج من زوجة ثانية ما دام لم يتلفظ بما يدل على الطلاق، وبالتالي فإن أمك باقية في عصمة أبيك كما كانت، وقد تضمن سؤالك عدة أمور، ويكفي للجواب على جميعها ما ذكر من أن الطلاق لم يقع، ولكننا تتميما للفائدة نجيب على ما أوردته كما يلي:

1ـ لا يقع الطلاق بمجرد النية فقط، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 20822.

2ـ لا عدة على والدتك لعدم وجود سبب لها من طلاق أو نحوه.

3ـ بخصوص ما اقترفه والداك من محارم الله تعالى ـ إن كان قد اقترف شيئا منها ـ فكفارتها التوبة الصادقة والتي سبق بيانها في الفتويين رقم: 4603، ورقم: 5450.

4ـ قراءة الفاتحة لا ينعقد بها نكاح وليست مشروعة عند العقد، ولا عند الرجعة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 14411.

5ـ لا حرج على الرجل في الزواج من أكثر من زوجة ولو كان ذلك مخالفا لمجلة الأحوال الشخصية، إذا قدر على ما يترتب على ذلك من الحقوق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني