الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حقوق العامل إذا فصله صاحب العمل في مدة العقد أو بعد انتهائها

السؤال

الإخوة الأعزاء في موقع إسلام ويب.
أرجو التكرم بالتفضل بإبداء رأيكم الشرعي بخصوص حصول العامل المفصول عن عمله بلا مبرر أو سبب قانوني أو شرعي لبدل سكن من الفترة الممتدة من فصله وحتى حصوله على كامل مستحقاته، ذلك أن بعضا من العمالة الوافدة في دولة الإمارات لا تملك مسكنا، وتقوم بإستئجار المسكن على حسابها الخاص ضمن ما يسمى ببدل سكن الذي هو جزء من الراتب حسب العقد، حيث يقوم العامل بدفع قيمة الإيجار بشكل سنوي أو شهري طالما كان مستمرا في العمل لدى رب العمل.
وعند إنهاء خدمات العامل بشكل تعسفي يلجأ معظم العمال للقضاء لإنصافهم، ولكن للأسف تمكث القضايا العمالية في المحاكم لسنين بحيث يضطر الكثير من العمال للتنازل عن حقوقهم لعدم تمكنهم من الإنفاق على أنفسهم أثناء تداول القضية، أو لعدم مقدرتهم على استئجار سكن ريثما يتم الفصل في النزاع.
وعليه، نرجو منكم التكرم بإبداء الرأي الشرعي في وجوب تأمين سكن أو بدل سكن للعامل أثناء التقاضي على رب العمل، لا سيما وأن العامل منقطع عن أهله ووطنه ولا يعمل أثناء فترة النزاع المنظور أمام المحكمة، مما سيخل حتما بميزان العدالة إذ لا يعقل أن يتحقق التساوى بين الخصوم في حال كون أحد الخصمين غير قادر على تأمين سكنه وقوت يومه اللذين هما من أساسيات الحقوق التي أقرها ديننا الحنيف؟ وهل يدخل هذا العامل في حكم ابن السبيل فتجب عليه الزكاة في ذلك البلد؟ وما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عنهم في هذه المسألة؟
ولكم منا جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالكم، وأن يسهل أمركم، وأن يختار لنا ولكم ما فيه الخير، وأن يرفع عنا وعنكم الظلم والشر.

أما ما سألت عنه فله حالتان: الأولى: أن يكون صاحب العمل المذكور قد أخل بما تم الاتفاق عليه بخصوص مدة العقد وقام بفصل العامل قبل انقضاء مدة العقد المتفق عليها بينهما دون عذر معتبر. وحينئذ فإن للعامل أجرة المدة كلها ما دام ممكنا من نفسه للعمل، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1}. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.

جاء في الإنصاف: والإجارة عقد لازم من الطرفين ليس لأحدهما فسخها، وإن بدا له قبل تقضي المدة فعليه الأجرة.. قال في الرعاية: وكذا الخلاف والتفصيل إن أبى الأجير الخاص العمل أو بعضه... أو أبى المستأجر الانتفاع بهم كذلك، ولا مانع من الأجير والمؤجر. انتهى.
وبالتالي فعلى فرض حصول الفصل تعسفا قبل انقضاء مدة الإجارة وعلى غير ما اتفق عليه في العقد فيستحق العامل على رب العمل أجرته وتوفير مسكن له إن كان ملزما بذلك في فترة العقد وهكذا، وراجع في هذا الفتاوى أرقام: 106381 / 62773/ 148815.

والحالة الثانية: أن يكون صاحب العمل لم يخل بالاتفاق وأنهى خدمات العامل عند انتهاء مدة العقد، وفي هذه الحالة فإن صاحب العمل لايلزمه شيء تجاه العامل، من مسكن أوغيره أثناء تخليصه للمعاملات التي قد يحتاج بعضها زمنا، بل يتحمل العامل ذلك بنفسه إذ لا علاقة لرب العمل به . إلا ما كان لازما بالعرف أو القانون كما بينا في الفتوى رقم: 62773

لكن ننبه إلى أنه عند مماطلة رب العمل في أداء حق العامل واضطرار العامل لتأجير محام أوبذل نفقات سببها تلك المماطلة فله مطالبة رب العمل بذلك درءا للضرر ودفعا للظلم كما بينا في الفتوى رقم: 118234 .

وأما عن حكم دخول ذلك العامل في من يدفع إليهم الزكاة فإنما يكون بالنظر إلى حاله وحاجته، فلو كان فقيرا معدما فإنه يعطى من الزكاة لفقره وفاقته وكذا لو كان غارما، وأما ابن السبيل فهو المسافر الذي انقطع عن بلده بسبب نفاد نفقته. وكذا منشئ السفر وليس له ما يعود به إلى بلده فيعطى من الزكاة مقدار ما يوصله فقط إن كان غنيا في بلده، وإلا أعطي للسفر وللفقر.

قال ابن قدامة في المغني: ابن السبيل هو الصنف الثامن من أهل الزكاة، ولا خلاف في استحقاقه وبقاء سهمه، وابن السبيل هو المسافر الذي ليس له ما يرجع به إلى بلده وله اليسار في بلده، فيعطى ما يرجع به وهذا قول قتادة، ونحوه قال مالك وأصحاب الرأي، وقال الشافعي: وهو المختار. ..فإن كان ابن السبيل فقيرا في بلده أعطي لفقره وكونه ابن السبيل لوجود الأمرين. انتهى.

وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: وابن السبيل أي الطريق منشئ سفر مباح من محل الزكاة سواء كان بلده أو مقيما فيه أو مجتازا به في سفره، واحدا كان أو أكثر ذكرا أو غيره.

وبالتالي فمن من كان من أولئك العمال يريد السفر إلى بلاده وليس له ما يوصله إليها فيعطى ما يوصله فقط إن كان غنيا وإلا أعطي لسفره ولفقره، وأما من لم يكن يريد العودة إلى بلده من أولئك العمال فلا ينطبق عليه وصف ابن السبيل، لكنه قد يعطى لفقره إن كان فقيرا معدما، وانظر الفتوى رقم: 27006.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني