الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ المستأجر للخلو، وهبة الأم شقتها لأحد أولادها

السؤال

أنا سيدة عمري 77 عامًا، وعندي ابنان وثلاث بنات، وأعيش في شقة بنظام الإيجار القديم، وأحد أولادي الذكور تزوّج معي في نفس منزلي منذ 11 عامًا، وأولادي الآخرون متزوّجون في شقق بالإيجار.
ومالك البيت الذي أسكن فيه باعه لمالك جديد، وهذا المالك الجديد يريد أن يُخرِج السكّان من الشقق ليهدم البناء ويبنيه مرة أخرى من جديد، ويريد إخراجي أيضًا مقابل مليون جنيه مصري، وهذا المبلغ لا يكفي لشراء شقة ولو صغيرة.
وقد اشتريت شقة منذ زمن، ولم أشطّبها، فهي في مرحلة الطوب، وما زالت كذلك، وقد اشتريتها لي ولابني الذي يرعاني ويسكن معي، وتكون في المستقبل ملكًا له، فهل يجوز أن أكمل بناء وتشطيب شقّتي من مبلغ المليون جنيه الذي سآخذه تعويضًا عن ترك شقّتي المستأجرة، مع العلم أني أريد أن أكتبها باسم ابني الذي يعيش معي، وأجعلها ملكًا له، وأنا أدفع لابني الآخر إيجار شقته شهريًّا، إضافة لمساعداتي المالية له أيضًا ولأخواته البنات.
وابني الذي سأكتب الشقّة باسمه لا يمتلك شقّة خاصّة به ليعيش فيها؛ لأنه كان يعيش معي في منزلي المستأجر، وظروفه المادية لا تسمح له بشراء شقة، والإيجارات مرتفعة وغالية جدًّا، وراتبه لا يغطّي إلا احتياجات المعيشة مع الإيجار، فهل هناك ظلم في تمليك ابني للشقّة الخاصّة بي بعد أن أكمل بناءها بالمبلغ المذكور آنفًا؛ بسبب ما ذكرته من ظروف؟ جزاكم الله خيرًا، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعقد الإيجار القديم القائم على تأبيد الإجارة: عقد باطل شرعًا، ويجب فسخه، وردّ العين المستأجرة إلى المالك، دون اشتراط مقابل.

وإذا فرضنا أن مالك شقّةٍ عرض دفع مبلغ دون طِيب نفْس منه، خلوًا للمستأجر -ليتمكن من إخلاء شقّته، التي يفرض عليه القانون إبقاءها في يد المستأجر-؛ فلا يحلّ هذا المال للمستأجِر، ويجب عليه ردّه لصاحبه، أو تمكينه من أخذه، وطلب مسامحته، وإلا كان آكِلًا للمال بالباطل، وراجعي في ذلك الفتوى: 494212 وما أحيل عليه فيها.

وأما ما يتعلق بهبة شقّتك لابنك الذي يعيش معك؛ فمبناه على حكم تخصيص بعض الأبناء بالهبة دون بقيّتهم، فإن كان لفقر هذا الابن وحاجته دون بقية إخوته -ذكورًا وإناثًا-؛ فلا حرج في ذلك.

وأما إن كان على سبيل الأثرة دون مسوّغ شرعي؛ فهذا مكروه عند جمهور الفقهاء، ومحرّم عند الحنابلة.

وليس من المسوّغات كون هذا الابن أبرّ من بقية أخوته، وراجعي في ذلك الفتوى: 519916 وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني