الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية السجود على القطن والإسفنج ونحوهما

السؤال

قلتم إنه عند السجود على إسنفج فلا بد من شيء من الضغط أو التثاقل. وفي نفس الوقت قلتم إنه يباح السجود على السجاد. لكن بعض السجاد يكون سميكاً وعندما أسجد عليه أرى أنه إذا ضغطت أكثر فإنه ينضغط للأسفل. ما حكم السجود على هذا النوع من السجاد بدون أن يحصل شيء من التثاقل أو الضغط ؟
وهل يكفي في السجود ملامسة الأنف للأرض (أو لهذا النوع من السجاد) أو يجب التمكين ؟
كذلك إذا قلنا إن أساس السجود وضع الجبهة على الأرض. فإذا تم وضع الجبهة ثم رفعها عن الأرض ثم وضعها ثانية. فهل يؤثر ذلك ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :

فيشترط فيما يسجد عليه المصلي أن يكون مما تستقر عليه الجبهة، لأن السجود فرض في الصلاة، ولا يتحقق هذا الفرض إلا بما تستقر عليه الجبهة, فلو سجد على صوف أو قطن منفوش مثلا ولم يمكن جبهته بحيث ينكبس ما تحتها فإنه في الحقيقة لم يسجد بل علق جبهته في الهواء وهذا واضح.

قال في مطالب أولي النهى: ويعتبر المقر لأعضاء السجود لحديث: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم. فلو وضع جبهته مثلا على نحو قطن كصوف منفوش ووبر وشعر ولم ينكبس لم تصح. اهــ.

وقال النووي في المجموع: والصحيح من الوجهين أنه لا يكفي في وضع الجبهة الإمساس، بل يجب أن يتحامل على موضع سجوده بثقل رأسه وعنقه حتى تستقر جبهته، فلو سجد على قطن أو حشيش أو شيء محشو بهما وجب أن يتحامل حتى ينكبس. اهــ.

المراد من من قوله { حتى ينكبس } أن يندك من القطن ما يلي جبهته عرفا كما قاله البجيرمي في حاشيته.

وعليه فإن من صلى على سجاد ثخين فإنه يطالب بالتحامل بجبهته عند السجود إلى القدر التي تستقر فيه جبهته ويصدق عليه فيه أنه سجد.

وفي السجود على الإسفنج قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: إذا كان الإسفنج ليناً فإن وضعتَ عليه جبهتك وضعاً فقط دون أن تكبس عليه فهذا لا يجزئك في السجود، وقد ذكر ذلك أهل العلم في كتبهم، قالوا: إذا سجد الإنسان على عِهْنٍ منفوشٍ أو على قطن، واقتصر على مُمَاسَّة الجبهة لهذا فقط دون أن يكبس عليها فإن سجوده لا يصح، وهذا حق، والدليل على ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يُمَكِّن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه , وفي قوله ( يُمَكِّن جبهته ) دليلٌ على أنه لا بد من التمكين. اهــ .
وقال أيضا: إذا سجد فليكبس على الإسفنج حتى يستقر لقول أنس بن مالك رضي الله عنه: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه وسجد عليه, فهذا يدل على أنه لا بد أن تمكن جبهتك لا أن تضعها على الإسفنج وضعاً؛ لأنه إذا وضعتها وضعاً لم يصدق عليك أنك سجدت. إذاً نقول: إذا صلى الإنسان في المسجد أو في بيته على الإسفنج فإنه لا بد أن يضغط عليه حتى يستقر. اهــ.
بل ولو سجد على الأرض فلا يكفي مجرد ملامسة الجبهة الأرض على خلاف بين الفقهاء في ذلك بيناه في الفتوى رقم 126299 بعنوان: { الواجب في السجود وضع الجبهة على الأرض أم تمكينها}.

وأما رفع الجبهة ثم وضعها ثانية فإنه لا ينبغي لغير حاجة. وإذا رفع المصلي جبهته لحاجة ثم ردها فهذا لا يضر كما يدل عليه حديث شداد رضي الله عنه لما سجد النبي صلى الله عليه وسلم وأطال السجود قال : فَرَفَعْتُ رَأْسِي وَإِذَا الصَّبِيُّ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَاجِدٌ فَرَجَعْتُ إِلَى سُجُودِي ... , والحديث رواه أحمد والنسائي .
قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: في حال السجود يجب على الإنسان أن يسجد على سبعة أعضاء: على الجبهة والأنف وهما عضو واحد، والكفين، والركبتين، وأطراف القدمين، ولا يجوز أن يرفع شيئاً من هذه الأعضاء لا الأنف ولا الكف ولا القدم، لكن لو دعت الحاجة أو الضرورة إلى ذلك وردها بسرعة فأرجو ألا يكون به بأس. اهــ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني